لا نأخذ من القليل وإن كانوا يأخذون منا منه لأن القليل لم يزل عفوا ولأنه لا يحتاج إلى الحماية.
قال:" وإن مر حربي بمائتي درهم ولا يعلم كم يأخذون منا نأخذ منه العشر " لقول عمر رضي الله عنه فإن أعياكم فالعشر " وإن علم أنهم يأخذون منا ربع عشر أو نصف عشر نأخذ بقدره وإن كانوا يأخذون الكل لا يأخذ الكل " لأنه غدر " وإن كانوا لا يأخذون أصلا لا نأخذ " ليتركوا الأخذ من تجارنا ولأنا أحق بمكارم الأخلاق.
قال:" وإن مر الحربي على عاشر فعشره ثم مر مرة أخرى لم يعشره حتى يحول الحول " لأن الأخذ في كل مرة استئصال المال وحق الأخذ لحفظه ولأن حكم الأمان الأول باق وبعد الحول يتجدد الأمان لأنه لا يمكن من الإقامة إلا حولا والأخذ بعده لا يستأصل المال " وإن عشره فرجع إلى دار الحرب ثم خرج من يومه ذلك عشره أيضا " لأنه رجع بأمان جديد وكذا الأخذ بعده لا يفضي إلى الاستئصال " وإن مر ذمي بخمر أو خنزير عشر الخمر دون الخنزير " وقوله عشر الخمر: أي من قيمتها.
وقال الشافعي رحمه الله: لا يعشرهما لأنه لا قيمة لهما وقال زفر رحمه الله يعشرهما لاستوائهما في المالية عندهم وقال أبو يوسف رحمه الله يعشرهما إذا مر بهما جملة كأنه جعل الخنزير تبعا للخمر فإن مر بكل واحد على الانفراد عشر الخمر رده الخنزير ووجه الفرق على الظاهر أن القيمة في ذوات القيم لها حكم العين والخنزير منها وفي ذوات الأمثال ليس لها هذا الحكم والخمر منها ولأن حق الأخذ للحماية والمسلم يحمي خمر نفسه للتخليل فكذا يحميها على غيره ولا يحمي خنزير نفسه بل يجب تسبيبه بالإسلام فكذا لا يحميه على غيره " ولو مر صبي أو امرأة من بني تغلب بمال فليس على الصبي شيء وعلى المرأة ما على الرجل " لما ذكرنا في السوائم " ومن مر على عاشر بمائة درهم وأخبره أن له في منزله مائة أخرى قد حال عليها الحول لم يزك التي مر بها " لقلتها وما في بيته لم يدخل تحت حمايته " ولو مر بمائتي درهم بضاعة لم يعشرها " لأنه غير مأذون بأداء زكاته. قال:" وكذا المضاربة " يعني إذا مر المضارب به على العاشر.
وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول: أولا يعشرها لقوة حق المضارب حتى لا يملك رب المال نهيه عن التصرف فيه بعد ما صار عروضا فنزل منزلة المالك ثم رجع إلى ما ذكرنا في الكتاب وهو قولهما لأنه ليس بمالك ولا نائب عنه في أداء الزكاة إلا أن يكون في المال ربح يبلغ نصيبه نصابا فيؤخذ منه لأنه مالك له " ولو مر عبد مأذون له بمائتي درهم وليس عليه