احتياطا، أما الكفارة فتفتقر إلى كمال الجناية لأنها تندرئ بالشبهات كالحدود " ولا بأس بالقبلة إذا أمن على نفسه " أي الجماع أو الإنزال " ويكره إذا لم يأمن " لأن عينه ليس بمفطر وربما يصير فطرا بعاقبته فإن أمن يعتبر عينه وأبيح له وإن لم يأمن تعتبر عاقبته وكره له والشافعي رحمه الله أطلق فيه في الحالين والحجة عليه ما ذكرنا والمباشرة الفاحشة مثل التقبيل في ظاهر الرواية وعن محمد أنه كره المباشرة الفاحشة لأنها قلما تخلو عن الفتنة " ولو دخل حلقه ذباب هو ذاكر لصومه لم يفطر " وفي القياس يفسد صومه لوصول المفطر إلى جوفه وإن كان لا يتغذى به كالتراب والحصاة ووجه الاستحسان أنه لا يستطاع الاحتراز عنه فأشبه الغبار والدخان.
واختلفوا في المطر والثلج والأصح أنه يفسد لإمكان الامتناع عنه إذا آواه خيمة أو سقف " ولو أكل لحما بين أسنانه فإن كان قليلا لم يفطر وإن كان كثيرا يفطر " وقال زفر يفطر في الوجهين لأن الفم له حكم الظاهر حتى لا يفسد صومه بالمضمضة.
ولنا أن القليل تابع لأسنانه بمنزلة ريقه بخلاف الكثير لأنه لا يبقى فيما بين الأسنان والفاصل مقدار الحمصة وما دونها قليل " وإن أخرجه وأخذه بيده ثم أكله ينبغي أن يفسد صومه " لما روي عن محمد رحمه الله أن الصائم إذا ابتلع سمسمة بين أسنانه لا يفسد صومه ولو أكلها ابتداء يفسد صومه ولو مضغها لا يفسد لأنها تتلاشى وفي مقدار الحمصة عليه القضاء دون الكفارة عند أبي يوسف رحمه الله وعند زفر رحمه الله عليه الكفارة أيضا لأنه طعام متغير ولأبي يوسف رحمه الله أنه يعافه الطبع " فإن ذرعه القيء لم يفطر " لقوله صلى الله عليه وسلم " من قاء فلا قضاء عليه ومن استقاء عامدا فعليه القضاء " ويستوي فيه ملء الفم فما دونه فلو عاد وكان ملء الفم فسد عند أبي يوسف رحمه الله لأنه خارج حتى انتقض به الطهارة وقد دخل وعند محمد رحمه الله لا يفسد لأنه لم توجد صورة الفطر وهو الابتلاع وكذا معناه لأنه لا يتغذى به عادة وإن أعاده فسد بالإجماع لوجود الإدخال بعد الخروج فتتحقق صورة الفطر وإن كان أقل من ملء الفم فعاد لم يفسد صومه لأنه غير خارج ولا صنع له في الإدخال وإن أعاده فكذلك عند أبي يوسف رحمه الله لعدم الخروج وعند محمد رحمه الله يفسد صومه لوجود الصنع منه في الإدخال " فإن استقاء عمدا ملء فيه فعليه القضاء " لما روينا والقياس متروك به ولا كفارة عليه لعدم الصورة وإن كان أقل من ملء الفم فكذلك عند محمد رحمه الله لإطلاق الحديث وعند أبي يوسف رحمه الله لا يفسد لعدم الخروج حكما ثم إن عاد لم يفسد عنده لعدم سبق الخروج وإن أعاده فعنه أنه لا يفسده لما ذكرنا وعنه أنه يفسد فألحقه بملء الفم لكثرة الصنع.