قال:" وإذا أتى مزدلفة فالمستحب أن يقف بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له قزح " لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقف عند هذا الجبل وكذا عمر رضي الله عنه ويتحرز في النزول عن الطريق كي لا يضر بالمارة فينزل عن يمينه أو يساره ويستحب أن يقف وراء الإمام لما بينا في الوقوف بعرفة.
قال:" ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة " وقال زفر رحمه الله بأذان وإقامتين اعتبارا بالجمع بعرفة ولنا رواية جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام جمع بينهما بأذان وإقامة واحدة ولأن العشاء في وقته فلا يفرد بالإقامة علاما بخلاف العصر بعرفة لأنه مقدم على وقته فأفرد بها لزيادة الإعلام.
" ولا يتطوع بينهما " لأنه يخل بالجمع. ولو تطوع أو تشاغل بشيء أعاد الإقامة لوقوع الفصل وكان ينبغي أن يعيد الأذان كما في الجمع الأول بعرفة إلا أنا اكتفينا بإعادة الإقامة لما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى المغرب بمزدلفة ثم تعشى ثم أفرد الإقامة للعشاء " ولا تشترط الجماعة لهذا الجمع عند أبي حنيفة رحمه الله " لأن المغرب مؤخرة عن وقتها بخلاف الجمع بعرفة لأن العصر مقدم على وقته.
قال:" ومن صلى المغرب في الطريق لم تجزه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وعليه إعادتها ما لم يطلع الفجر " وقال أبو يوسف رحمه الله يجزيه وقد أساء وعلى هذا الخلاف إذا صلى بعرفات لأبي يوسف رحمه الله أنه أداها في وقتها فلا تجب إعادتها كما بعد طلوع الفجر إلا أن التأخير من السنة فيصير مسيئا بتركه ولهما ما روى أنه عليه الصلاة والسلام قال لأسامة رضي الله عنه في طريق المزدلفة " الصلاة أمامك " معناه وقت الصلاة وهذا إشارة إلى أن التأخير واجب وإنما وجب ليمكنه الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة فكان عليه الإعادة ما لم يطلع الفجر ليصير جامعا بينهما وإذا طلع الفجر لا يمكنه الجمع فسقطت الإعادة.
قال:" وإذا طلع الفجر يصلي الإمام بالناس الفجر بغلس " لرواية ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام صلاها يومئذ بغلس ولأن في التغليس دفع حاجة الوقوف فيجوز كتقديم العصر بعرفة " ثم وقف ووقف معه الناس ودعا " لأن النبي عليه الصلاة والسلام وقف في هذا الموضع يدعو حتى روى في حديث ابن عباس رضي الله عنهما فاستجيب له دعاؤه لأمته حتى الدماء والمظالم ثم هذا الوقوف واجب عندنا وليس بركن حتى لو تركه بغير عذر يلزمه الدم وقال الشافعي رحمه الله إنه ركن لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا