للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في مسئلتنا في الوجهين وقال الشافعي رحمه الله لا شيء عليه وعلى هذا الخلاف إذا حلق المحرم رأس حلال له أن معنى الارتفاق لا يتحقق بحلق شعر غيره وهو الموجب.

ولنا أن إزالة ما ينمو من بدن الإنسان من محظورات الإحرام لاستحقاقه الأمان بمنزلة نبات الحرم فلا يفترق الحال بين شعره وشعر غيره إلا أن كمال الجناية في شعره " فإن أخذ من شارب حلال أو قلم أظافيره أطعم ما شاء " والوجه فيه ما بينا ولا يعرى عن نوع ارتفاق لأنه يتأذى بتفث غيره وإن كان أقل من التأذي بتفث نفسه فيلزمه الطعام " وإن قص أظافير يديه ورجليه فعليه دم " لأنه من المحظورات لما فيه من قضاء التفث وإزالة ما ينمو من البدن فإذا قلمها كلها فهو ارتفاق كامل فيلزمه الدم " ولا يزاد على دم إن حصل في مجلس واحد " لأن الجناية من نوع واحد فإن كان في مجالس فكذلك عند محمد رحمه الله لأن مبناها على التداخل فأشبه كفارة الفطر إلا إذا تخللت الكفارة لارتفاع الأولى بالتكفير وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تجب أربعة دماء إن قلم في كل مجلس يدا أو رجلا لأن الغالب فيه معنى العبادة فيتقيد التداخل باتحاد المجلس كما في آي السجدة " وإن قص يدا أو رجلا فعليه دم " إقامة للربع مقام الكل كما في الحلق " وإن قص أقل من خمسة أظافير فعليه صدقة " معناه تجب بكل ظفر صدقة وقال زفر رحمه الله يجب الدم بقص ثلاثة منها وهو قول أبي حنيفة الأول لأن في أظافير اليد الواحدة دما والثلاث أكثرها وجه المذكور في الكتاب أن أظافير كف واحد أقل ما يجب الدم بقلمه وقد أقمناها مقام الكل فلا يقام أكثرها مقام كلها لأنه يؤدي إلى مالا يتناهي " وإن قص خمسة أظافير متفرقة من يديه ورجليه فعليه صدقة عند أبي حنيفة وأبي يوسف " رحمهما الله " وقال محمد " رحمه الله " عليه دم " اعتبارا بما لو قصها من كف واحد وبما إذا حلق ربع الرأس من مواضع متفرقة ولهما أن كمال الجناية بنيل الراحة والزينة وبالقلم على هذا الوجه يتأذى ويشينه ذلك بخلاف الحلق لأنه معتاد على ما مر وإذا تقاصرت الجناية تجب فيها الصدقة فيجب بقلم كل ظفر طعام مسكين وكذلك لو قلم أكثر من خمسة متفرقا إلا أن يبلغ ذلك دما فحينئذ ينقص عنه ما شاء.

قال: " وإن انكسر ظفر المحرم وتعلق فأخذه فلا شيء عليه " لأنه لا ينمو بعد الانكسار فأشبه اليابس من شجر الحرم " وإن تطيب أو لبس مخيطا أو حلق من عذر فهو مخير إن شاء ذبح شاة وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من الطعام وإن شاء صام ثلاثة أيام " لقوله تعالى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: ١٩٦] وكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله عليه الصلاة والسلام بما ذكرنا والآية نزلت في المعذور،

<<  <  ج: ص:  >  >>