وإحداهما فلما بينا وأما الثانية فلأنه خرج منها بعد صحة الشروع فيها " فإن بعث القارن هديا وواعدهم أن يذبحوه في يوم بعينه ثم زال الإحصار فإن كان لا يدرك الحج والهدي لا يلزمه أن يتوجه بل يصبر حتى يتحلل بنحر الهدي " لفوات المقصود من التوجه وهو أداء الأفعال وإن توجه ليتحلل بأفعال العمرة له ذلك لأنه فائت الحج " وإن كان يدرك الحج والهدي لزمه التوجه " لزوال العجز قبل حصول المقصود بالخلف " وإذا أدرك هدية صنع به ما شاء " لأنه ملكه وقد كان عينه لمقصود استغنى عنه " وإن كان يدرك الهدي دون الحج يتحلل " لعجزه عن الأصل " وإن كان يدرك الحج دون الهدي جاز له التحلل " استحسانا وهذا التقسيم لا يستقيم على قولهما في المحصر بالحج لأن دم الإحصار عندهما يتوقت بيوم النحر فمن يدرك الحج يدرك الهدي وإنما يستقيم على قول أبي حنيفة رحمه الله وفي المحصر بالعمرة يستقيم بالاتفاق لعدم توقت الدم بيوم النحر.
وجه القياس وهو قول زفر رحمه الله أنه قدر على الأصل وهو الحج قبل حصول المقصود بالبدل وهو الهدي.
وجه الاستحسان أنا لو ألزمناه التوجه لضاع ماله لأن المبعوث على يديه الهدي يذبحه ولا يحصل مقصوده وحرمة المال كحرمة النفس وله الخيار إن شاء صبر في ذلك المكان أو في غيره ليذبح عنه فيتحلل وإن شاء توجه ليؤدي النسك الذي التزمه بالإحرام وهو أفضل لأنه أقرب إلى الوفاء بما وعد.
" ومن وقف بعرفة ثم أحصر لا يكون محصرا" لوقوع الأمن عن الفوات " ومن أحصر بمكة وهو ممنوع عن الطواف والوقوف فهو محصر " لأنه تعذر عليه الإتمام فصار كما إذا أحصر في الحل "وإن قدر على أحدهما فليس بمحصر " أما على الطواف فلأن فائت الحج يتحلل به والدم بدل عنه في التحلل وأما على الوقوف فلما بينا وقد قيل في هذه المسئلة خلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله والصحيح ما أعلمتك من التفصيل والله تعالى أعلم.