قال:" ولا يجب التعريف بالهدايا " لأن الهدي ينبئ عن النقل إلى مكان ليتقرب بإراقة دمه فيه لا عن التعريف فلا يجب " فإن عرف بهدي المتعة فحسن " لأنه يتوقت بيوم النحر فعسى أن لا يجد من يمسكه فيحتاج إلى أن يعرف به ولأنه دم نسك فيكون مبناه على التشهير بخلاف دماء الكفارات لأنه يجوز ذبحها قبل يوم النحر على ما ذكرنا وسببها الجناية فيليق بها الستر.
قال:" والأفضل في البدن النحر وفي البقر والغنم الذبح " لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}[الكوثر:٢] قيف في تأويله الجزور وقال الله تعالى: {أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة: ٦٧] وقال الله تعالى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات:١٠٧] والذبح ما أعد للذبح وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام نحر الإبل وذبح البقر والغنم إن شاء نحر الإبل في الهدايا قياما أو أضجعها وأي ذلك فعل فهو حسن والأفضل أن ينحرها قياما لما روي أنه عليه الصلاة والسلام " نحر الهدايا قياما " وأصحابه رضي الله عنهم كانوا ينحرونها قياما معقولة اليد اليسرى " ولا يذبح البقر والغنم قياما " لأن في حالة الاضطجاع المذبح أبين فيكون الذبح أيسر والذبح هو السنة فيهما.
قال:" والأولى أن يتولى ذبحها بنفسه إذا كان يحسن ذلك " لما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام ساق مائة بدنة في حجة الوداع فنحر نيفا وستين بنفسه وولى الباقي عليا رضي الله عنه ولأنه قربة والتولي في القربات أولى لما فيه من زيادة الخشوع إلا أن الإنسان قد لا يهتدي لذلك ولا يحسنه فجوزنا توليته غيره.
قال:" ويتصدق بجلالها وخطامها ولا يعطي أجرة الجزار منها " لقوله عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه "تصدق بجلالها وبخطمها ولا تعطي أجرة الجزار منها".
" ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها ركبها وإن استغنى عن ذلك لم يركبها " لأنه جعلها خالصة لله تعالى فلا ينبغي أن يصرف شيئا من عينها أو منافعها إلى نفسه إلى أن يبلغ محله إلا أن يحتاج إلى ركوبها لما روي أنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلا يسوق بدنة فقال "اركبها ويلك" وتأويله أنه كان عاجزا محتاجا ولو ركبها فانتقص بركوبه فعليه ضمان ما نقص من ذلك " وإن كان لها لبن لم يحلبها " لأن اللبن متولد منها فلا يصرفه إلى حاجة نفسه " وينضح ضرعها بالماء البارد حتى ينقطع اللبن " ولكن هذا إذا كان قريبا من وقت الذبح فإن كان بعيدا منه يحلبها ويتصدق بلبنها كيلا يضر ذلك بها وإن صرفه إلى حاجة نفسه تصدق بمثله أو بقيمته لأنه مضمون عليه.