للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد لوجود المانع عنه فلا بد من الدعوة بمنزلة ملك اليمين من غير وطء بخلاف العقد لأن الولد يتعين مقصودا منه فلا حاجة إلى الدعوة " فإن جاءت بعد ذلك بولد ثبت نسبه بغير إقرار " معناه بعد اعتراف منه بالولد الأول لأنه بدعوى الولد الأول تعين الولد مقصودا منها فصارت فراشا كالمعقودة بعد النكاح " إلا أنه إذا نفاه ينتفي بقوله " لأن فراشها ضعيف حتى يملك نقله بالتزويج بخلاف المنكوحة حيث لا ينتفي الولد بنفيه إلا باللعان لتأكد الفراش حتى لا يملك إبطاله بالتزويج وهذا الذي ذكرناه حكم فأما الديانة فإن كان وطئها وحصنها ولم يعزل عنها يلزمه أن يعترف به ويدعي لأن الظاهر أن الولد منه وإن عزل عنها أو لم يحصنها جاز له أن ينفيه لأن هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر هكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله وفيه روايتان أخريان عن أبي يوسف وعن محمد رحمهما الله ذكرناهما في كفاية المنتهى " فإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه " لأن حق الحرية يسري إلى الولد كالتدبير ألا ترى أن ولد الحرة حر وولد القنة رقيق " والنسب يثبت من الزوج " لأن الفراش له وإن كان النكاح فاسدا إذ الفاسد ملحق بالصحيح في حق الأحكام ولو ادعاه المولى لا يثبت نسبه منه لأنه ثابت النسب من غيره ويعتق الولد وتصير أمه أم ولد له لإقراره " وإذا مات المولى عتقت من جميع المال " لحديث سعيد بن المسيب أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بعتق أمهات الأولاد وأن لا يبعن في دين ولا يجعلن من الثلث ولأن الحاجة إلى الولد أصلية فتقدم على حق الورثة والدين كالتكفين بخلاف التدبير لأنه وصية بما هو من زوائد الحوائج " ولا سعاية عليها في دين المولى للغرماء " لما روينا ولأنها ليست بمال متقوم حتى لا تضمن بالغصب عند أبي حنيفة رحمه الله فلا يتعلق بها حق الغرماء كالقصاص بخلاف المدبر لأنه مال متقوم " وإذا أسلمت أم ولد النصراني فعليها أن تسعى في قيمتها " وهي بمنزلة المكاتبة لا تعتق حتى تؤدي السعاية.

وقال زفر رحمه الله: تعتق في الحال والسعاية دين عليها وهذا الخلاف فيما إذا عرض على المولى الإسلام فأبى فإن أسلم تبقى على حالها له أن إزالة الذل عنها بعد ما أسلمت واجبة وذلك بالبيع أو الإعتاق وقد تعذر البيع فتعين الإعتاق ولنا أن النظر من الجانبين في جعلها مكاتبة لأنه يندفع الذل عنها بصيرورتها حرة يدا والضرر عن الذمي لانبعاثها على الكسب نيلا لشرف الحرية فيصل الذمي إلى بدل ملكه أما لو أعتقت وهي مفلسة تتوانى في الكسب ومالية أم الولد يعتقدها الذمي متقومة فيترك وما يعتقده ولأنها إن لم تكن متقومة فهي محترمة وهذا يكفي لوجوب الضمان كما في القصاص المشترك إذا عفا أحد الأولياء يجب المال للباقين " ولو مات مولاها عتقت بلا سعاية " لأنها أم ولد له ولو عجزت

<<  <  ج: ص:  >  >>