وقال أبو يوسف رحمه الله يضرب الرأس أيضا رجع إليه وإنما يضرب سوطا لقول أبي بكر رضي الله عنه اضربوا الرأس فإن فيه شيطانا.
قلنا: تأويله أنه قال ذلك فيمن أبيح قتله ويقال إنه ورد في حربي كان من دعاة الكفرة والإهلاك فيه مستحق " ويضرب في الحدود كلها قائما غير ممدود " لقول علي رضي الله عنه يضرب الرجال في الحدود قياما والنساء قعودا ولأن مبنى إقامة الحد على التشهير والقيام أبلغ فيه ثم قوله غير ممدود فقد قيل المد أن يلقى على الأرض ويمد كما يفعل في زماننا وقيل أن يمد السوط فيرفعه الضارب فوق رأسه وقيل أن يمده بعد الضرب وذلك كله لا يفعل لأنه زيادة على المستحق " وإن كان عبدا جلده خمسين جلدة " لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] نزلت في الإماء ولأن الرق منقص للنعمة فيكون منقصا للعقوبة لأن الجناية عند توافر النعم أفحش فيكون أدنى إلى التغليظ " والرجل والمرأة في ذلك سواء " لأن النصوص تشملهما " غير أن المرأة لا ينزع من ثيابها إلا الفرو والحشو " لأن في تجريدها كشف العورة والفرو والحشو يمنعان وصول الألم إلى المضروب والستر حاصل بدونهما فينزعان " وتضرب جالسة " لما روينا ولأنه أستر لها.
قال:" وإن حفر لها في الرجم جاز " لأنه عليه الصلاة والسلام حفر للغامدية إلى ثندوتها وحفر علي رضي الله عنه لشراحة الهمدانية وإن ترك لا يضره لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك وهي مستورة بثيابها والحفر أحصن لأنه أستر ويحفر إلى الصدر لما روينا " ولا يحفر للرجل " لأنه عليه الصلاة والسلام ما حفر لماعز رضي الله عنه ولأن مبنى الإقامة على التشهير في الرجال والربط والإمساك غير مشروع " ولا يقيم المولى الحد على عبده إلا بإذن الإمام ".
وقال الشافعي رحمه الله له أن يقيمه لأن له ولاية مطلقة عليه كالإمام بل أولى لأنه يملك من التصرف فيه مالا يملكه الإمام فصار كالتعزير ولنا قوله عليه الصلاة والسلام " أربع إلى الولاة وذكر منها الحدود " ولأن الحد حق الله تعالى لأن المقصد منها إخلاء العالم عن الفساد ولهذا لا يسقط بإسقاط العبد فيستوفيه من هو نائب عن الشرع وهو الإمام أو نائبه بخلاف التعزير لأنه حق العبد ولهذا يعزر الصبي وحق الشرع موضوع عنه.
قال:" وإحصان الرجم أن يكون حرا عاقلا بالغا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما على صفة الإحصان " فالعقل والبلوغ شرط لأهلية العقوبة إذ لا خطاب