ولأبي حنيفة رحمه الله فيه أن فعل الحربي المستأمن زنا لأنه مخاطب بالحرمات على ما هو الصحيح وإن لم يكن مخاطبا بالشرائع على أصلنا والتمكين من فعل هو زنا موجب للحد عليها بخلاف الصبي والمجنون لأنهما لا يخاطبان ونظير هذا الاختلاف إذا زنى المكره بالمطاوعة تحد المطاوعة عنده وعند محمد رحمه الله لا تحد.
قال:" وإذا زنى الصبي أو المجنون بامرأة طاوعته فلا حد عليه ولا عليها " وقال زفر والشافعي رحمهما الله يجب الحد عليها وهو راوية عن أبي يوسف رحمه الله " قال زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة يجامع مثلها حد الرجل خاصة " وهذا بالإجماع لهما أن العذر من جانبها لا يوجب سقوط الحد من حانبه فكذا العذر من جانبه وهذا لأن كلا منهما مؤاخذ بفعله ولنا أن فعل الزنا يتحقق منه وإنما هي محل الفعل ولهذا يمسى هو واطئا وزانيا والمرأة موطوءة ومزنيا بها إلا أنها سميت زانية مجازا تسمية للمفعول باسم الفاعل كالراضية في معنى المرضية أو لكونها مسببة بالتمكين فتعلق الحد في حقها بالتمكين من قبيح الزنا وهو فعل من هو مخاطب بالكف عنه ومؤثم على مباشرته وفعل الصبي ليس بهذه الصفة فلا يناط به الحد.
قال:" ومن أكرهه السلطان حتى زنى فلا حد عليه " وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول أولا يحد وهو قول زفر رحمه الله لأن الزنا من الرجل لا يكون إلا بعد انتشار الآلة وذلك دليل الطواعية ثم رجع عنه فقال لا حد عليه لأن سببه الملجئ قائم ظاهرا والانتشار دليل متردد لأنه قد يكون من غير قصد لأن الانتشار قد يكون طبعا لا طوعا كما في النائم فأورث شبهة وإن أكرره غير السلطان حد عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا لا يحد لأن الإكراه عندهما قد يتحقق من غير السلطان لأن المؤثر خوف الهلاك وأنه يتحقق من غيره وله أن الإكراه من غيره لا يدوم إلا نادرا لتمكنه من الاستعانة بالسلطان أو بجماعة المسلمين ويمكنه دفعه بنفسه بالسلاح والنادر لا حكم له فلا يسقط به الحد بخلاف السلطان لأنه لا يمكنه الاستعانة بغيره ولا الخروج بالسلاح عليه فافترقا.
" ومن أقر أربع مرات في مجالس مختلفة أنه زنى بفلانة وقالت هي تزوجني أو أقرت بالزنا وقال الرجل تزوجتها فلا حد عليه وعليه المهر في ذلك " لأن دعوى النكاح يحتمل الصدق وهو يقوم بالطرفين فأورث شبهة وإذا سقط الحد وجب المهر تعظيما لخطر البضع.
" ومن زنى بجارية فقتلها فإنه يحد وعليه القيمة " معناه قتلها بفعل الزنا لأنه جنى