ضرب مؤلم غير جارح ولا مهلك فلا يقع جارحا ظاهرا إلا لمعنى في الضارب وهو قلة هدايته فاقتصر عليه إلا أنه لا يجب عليه الضمان في الصحيح كيلا يمتنع الناس عن الإقامة مخافة الغرامة.
" وإن شهد أربعة على شهادة أربعة على رجل بالزنا لم يحد " لما فيها من زيادة الشبهة ولا ضرورة إلى تحملها فإن جاء الأولون فشهدوا على المعاينة في ذلك المكان لم يحد أيضا " معناه شهدوا على ذلك الزنا بعينه لأن شهادتهم قد ردت من وجه برد شهادة الفروع في عين هذه الحادثة إذ هم قائمون مقامهم في الأمر والتحميل ولا يحد الشهود لأن عددهم متكامل وامتناع الحد عن المشهود عليه لنوع شبهة وهي كافية لدرء الحد لا لإيجابه.
" وإذا شهد أربعة على رجل بالزنا فرجم فكلما رجع واحد حد الراجع وحده وغرم ربع الدية " أما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق فيكون التألف بشهادة الراجع ربع الحق وقال الشافعي رحمه الله يجب القتل دون المال بناء على أصله في شهود القصاص وسنبينه في الديات إن شاء الله تعالى.
وأما الحد فمذهب علمائنا الثلاثة رحمهم الله وقال زفر رحمه الله لا يحد لأنه إن كان الراجع قاذف حي فقد بطل بالموت وإن كان قاذف ميت فهو مرجوم بحكم القاضي فيورث ذلك شبهة ولنا أن الشهادة إنما تنقلب قذفا بالرجوع لأن به تفسخ شهادته فجعل للحال قذفا للميت وقد انفسخت الحجة فينفسخ ما يبتنى عليه وهو القضاء في حقه فلا يورث الشبهة بخلاف ما إذا قذفه غيره لأنه غير محصن في حق غيره لقيام القضاء في حقه " فإن لم يحد المشهود عليه حتى رجع واحد منهم حدوا جميعا وسقط الحد عن المشهود عليه " وقال محمد رحمه الله حد الراجع خاصة لأن الشهادة تأكدت بالقضاء فلا ينفسخ إلا في حق الراجع كما إذا رجع بعد الإمضاء ولهما أن الإمضاء من القضاء فصار كما إذا رجع واحد منهم قبل القضاء ولهذا سقط الحد عن المشهود عليه ولو رجع واحد منهم قبل القضاء حدوا جميعا وقال زفر رحمه الله يحد الراجع خاصة لأنه لا يصدق على غيره ولنا أن كلامهم قذف في الأصل وإنما يصير شهادة باتصال القضاء به فإذا لم يتصل به بقي قذفا فيحدون " فإن كانوا خمسة فرجع أحدهم فلا شيء عليه " لأنه بقي من يبقى بشهادته كل الحق وهو شهادة الأربعة " فإن رجع آخر حدا وغرما ربع الدية " أما الحد فلما ذكرنا وأما الغرامة فلأنه بقي من يبقى بشهادته ثلاثة أرباع الحق والمعتبر بقاء من بقي لا رجوع من رجع على ما عرف.