متناولا له صورة ومعنى ولها أنه عيره بقذف محصن فيأخذه بالحد وهذا لأن الإحصان في الذي ينسب إلى الزنا شرط ليقع تعييرا على الكمال ثم يرجع هذا التعيير الكامل إلى ولده والكفر لا ينافي أهلية الاستحقاق بخلاف ما إذا تناول القذف نفسه لأنه لم يوجد التعيير على الكمال لفقد الإحصان في المنسوب إلى الزنا.
" وليس للعبد أن يطالب مولاه بقذف أمه الحرة ولا للابن أن يطالب أباه بقذف أمه الحرة المسلمة " لأن المولى لا يعاقب بسبب عبده وكذا الأب بسبب ابنه ولهذا لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده ولو كان لها ابن من غيره له أن يطالب لتحقق السبب وانعدام المانع.
" ومن قذف غيره فمات المقذوف بطل الحد " وقال الشافعي رحمه الله لا يبطل " ولو مات بعد ما أقيم بعض الحد بطل الباقي " عندنا خلافا له بناء على أنه يورث عنده وعندنا لا يورث ولا خلاف أن فيه حق الشرع وحق العبد فإنه شرع لدفع العار عن المقذوف وهو الذي ينتفع به على الخصوص فمن هذا الوجه حق العبد ثم إنه شرع زاجرا ومنه سمى حدا والمقصود من شرع الزاجر إخلاء العالم عن الفساد وهذا آية حق الشرع وبكل ذلك تشهد الأحكام وإذا تعارضت الجهتان فالشافعي رحمه الله مال إلى تغليب حق العبد تقديما لحق العبد باعتبار حاجته وغنى الشرع ونحن صرنا إلى تغليب حق الشرع لأن ما للعبد من الحق يتولاه مولاه فيصير حق العبد مرعيا به ولا كذلك عكسه لآنه لا ولاية للعبد في استيفاء حقوق الشرع إلا نيابة عنه وهذا هو الأصل المشهور الذي يتخرج عليه الفروع المختلف فيها منها الإرث إذ الإرث يجري في حقوق العباد لا في حقوق الشرع ومنها العفو فإنه لا يصح عفو المقذوف عندنا ويصح عنده ومنها أنه لا يجوز الاعتياض عنه ويجري فيه التداخل وعنده لا يجري وعن أبي يوسف رحمه الله في العفو مثل قول الشافعي رحمه الله ومن أصحابنا من قال إن الغالب حق العبد وخرج الأحكام والأول أظهر.
قال:" ومن أقر بالقذف ثم رجع لم يقبل رجوعه " لأن للمقذوف فيه حقا فيكذبه في الرجوع بخلاف ما هو خالص حق الله لأنه لا مكذب له فيه " ومن قال لعربي يا نبطي لم يحد " لأنه يراد به التشبيه في الأخلاق أو عدم الفصاحة وكذا إذا قال لست بعربي لما قلنا.
" ومن قال لرجل يا ابن ماء السماء فليس بقاذف " لأنه يراد به التشبيه في الجود والسماحة والصفاء لأن ماء السماء لقب به بصفائه وسخائه " وإن نسبه إلى عمه أو خاله