" ومن له على آخر دراهم فسرق منه مثلها لم يقطع " لأنه استيفاء لحقه والحال والمؤجل فيه سواء استحسانا لأن التأجيل لتأخير المطالبة وكذا إذا سرق زيادة على حقه لآنه بمقدار حقه يصير شريكا فيه " وإن سرق منه عروضا قطع " لأنه ليس له ولاية الاستيفاء منه إلا بيعا بالتراضي وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يقطع لأن له أن يأخذه عند بعض العلماء قضاء من حقه أو رهنا بحقه قلنا هذا قول لا يستند إلى دليل ظاهر فلا يعتبر بدون إتصال الدعوى به حتى لو ادعى ذلك درىء عنه الحد لأنه ظن في موضع الخلاف ولو كان حقه دراهم فسرق منه دنانير قيل يقطع لأنه ليس له حق الأخذ وقيل لا يقطع لأن النقود جنس واحد.
" ومن سرق عينا فيها فردها ثم عاد فسرقها وهي بحالها لم يقطع " والقياس أن يقطع وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله وهو قول الشافعي رحمه الله لقوله عليه الصلاة والسلام " فإن عاد فاقطعوه " من غير فصل ولأن الثانية متكاملة كالأولى بل أقبح لتقدم الزاجر وصار كما إذا باعه المالك من السارق ثم اشتراه منه ثم كانت السرقة ولنا أن القطع أوجب سقوط عصمة المحل على ما يعرف من بعد إن شاء الله تعالى وبالرد إلى المالك إن عادت حقيقة العصمة بقيت شبهة السقوط نظرا إلى اتحاد الملك والمحل وقيل الموجب وهو القطع فيه بخلاف ما ذكر لأن الملك قد اختلف باختلاف سببه ولأن تكرار الجناية منه نادر لتحمله مشقة الزاجر فتعرى الإقامة عن المقصود وهو تقليل الجناية وصار كما إذا قذف المحدود في قذف المقذوف الأول قال: " فإن تغيرت عن حالها مثل أن يكون غزلا فسرقه وقطع فرده ثم نسج فعاد فسرقه قطع " لأن العين قد تبدلت ولهذا يملكه الغاصب به وهذا هو علامة التبدل في كل محل وإذا تبدلت انتفت الشبهة الناشئة من اتحاد المحل والقطع فيه فوجب القطع ثانيا والله أعلم بالصواب.