تغلظت لغلظ سببها وهو تفويت الأمن على التناهي بالقتل وأخذ المال ولهذا كان قطع اليد والرجل معا في الكبرى حدا واحدا وإن كانا في الصغرى حدين والتداخل في الحدود لا في حد واحد ثم ذكر في الكتاب التخيير بين الصلب وتركه وهو ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يتركه لأنه منصوص عليه والمقصود التشهير ليعتبر به غيره ونحن نقول أصل التشهير بالقتل والمبالغة بالصلب فيخير فيه.
ثم قال:" ويصلب حيا ويبعج بطنه برمح إلى أن يموت " ومثله عن الكرخي رحمه الله وعن الطحاوي رحمه الله أنه يقتل ثم يصلب توقيا عن المثلة وجه الأول وهو الأصح أن الصلب على هذا الوجه أبلغ في الردع وهو المقصود به.
قال:" ولا يصلب أكثر من ثلاثة أيام " لأنه يتغير بعدها فيتأذى الناس به وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يترك على خشبة حتى يتقطع ويسقط ليعتبر به غيره قلنا حصل الاعتبار بما ذكرناه والنهاية غير مطلوبة.
قال:" وإذا قتل القاطع فلا ضمان عليه في مال أخذه " اعتبارا بالسرقة الصغرى وقد بيناه "ف إن باشر القتل أحدهم أجرى الحد عليهم بأجمعهم " لأنه جزاء المحاربة وهي تتحقق بأن يكون البعض ردءا للبعض حتى إذا زلت أقدامهم انحازوا إليهم وإنما الشرط القتل من واحد منهم وقد تحقق.
قال:" والقتل وإن كان بعصا أو بحجر أو بسيف فهو سواء " لأنه يقع قطعا للطريق بقطع المارة " وإن لم يقتل القاطع ولم يأخذ مالا وقد جرح اقتص منه فيما فيه القصاص وأخذ الأرش منه فيما فيه الأرش وذلك إلى الأولياء " لأنه لا حد في هذه الجناية فظهر حق العبد وهو ما ذكرناه فيستوفيه الولي " وإن أخذ مالا ثم جرح قطعت يده ورجله وبطلت الجراحات " لأنه لما وجب الحد حقا لله سقطت عصمة النفس حقا للعبد كما تسقط عصمة المال " وإن أخذ بعد ما تاب وقد قتل عمدا فإن شاء الأولياء قتلوه وإن شاءوا عفوا عنه " لأن الحد في هذه الجناية لا يقام بعد التوبة للاستثناء المذكور في النص ولأن التوبة تتوقف على رد المال ولا قطع في مثله فظهر حق العبد في النفس والمال حتى يستوفي الولي القصاص أو يعفو ويجب الضمان إذا هلك في يده أو استهلكه " وإن كان من القطاع صبي أو مجنون أو ذو رحم محرم من المقطوع عليه سقط الحد عن الباقين " فالمذكور في الصبي والمجنون قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لو باشر العقلاء يحد الباقون وعلى هذا السرقة الصغرى له أن المباشر أصل والردء تابع ولا خلل في مباشرة العاقل