ثم باع فرسه أو وهب أو آجر أو رهن ففي رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله يستحق سهم الفرسان اعتبارا للمجاوزة وفي ظاهر الرواية يستحق سهم الرجالة لأن الإقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارسا ولو باعه بعد الفراغ لم يسقط سهم الفرسان وكذا إذا باع في حالة القتال عند البعض والأصح أنه يسقط لأن البيع يدل على أن غرضه التجارة فيه إلا أنه ينتظر عزته.
" ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا ذمي ولكن يرضخ لهم على حسب ما يرى الإمام " لما روي أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد وكان يرضخ لهم ولما استعان عليه الصلاة والسلام باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة يعني أنه لم يسهم لهم ولأن الجهاد عبادة والذمي ليس من أهل العبادة والصبي والمرأة عاجزان عنه ولهذا لم يلحقهما فرضه والعبد لا يمكنه المولى وله منعه إلا أنه يرضخ لهم تحريضا على القتال مع إظهار انحطاط رتبتهم والمكاتب بمنزلة العبد لقيام الرق وتوهم عجزه فيمنعه المولى عن الخروج إلى القتال ثم العبد إنما يرضخ له إذا قاتل لأنه دخل لخدمة المولى فصار كالتاجر والمرأة يرضخ لها إذا كانت تداوي الجرحى وتقوم على المرضى لأنها عاجزة عن حقيقة القتال فيقام هذا النوع من الإعانة مقام القتال بخلاف العبد لأنه قادر على حقيقة القتال والذمي إنما يرضخ له إذا قاتل أو دل على الطريق ولم يقاتل لأن فيه منفعة للمسلمين إلا أنه يزاد على السهم في الدلالة إذا كانت فيه منفعة عظيمة ولا يبلغ به السهم إذا قاتل لأنه جهاد والأول ليس من عمله ولا يسوى بينه وبين المسلم في حكم الجهاد.
" وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم " وقال الشافعي رحمه الله لهم خمس الخمس يستوي فيه غنيهم وفقيرهم ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم لقوله تعالى: {وَلِذِي الْقُرْبَى}[لأنفال: ٤١] من غير فصل بين الغني والفقير ولنا أن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلناه وكفى بهم قدوة وقال عليه الصلاة والسلام " يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس " والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض وهم الفقراء والنبي عليه الصلاة والسلام أعطاهم للنصرة ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام علل فقال " إنهم لن يزالوا معي