فتح أرضا عنوة وقهرا له أن يقر أهلها عليها ويضع عليها وعلى رءوسهم الخراج فتبقى الأراضي مملوكة لأهلها وقد قدمناه من قبل.
قال:" وكل أرض أسلم أهلها أو فتحت عنوة وقسمت بين الغانمين فهي أرض عشر " لأن الحاجة إلى ابتداء التوظيف على المسلم والعشر أليق به لما فيه من معنى العبادة وكذا هو أخف حيث يتعلق بنفس الخارج.
" وكل أرض فتحت عنوة فأقر أهلها عليها فهي أرض خراج " وكذا إذا صالحهم لأن الحاجة إلى ابتداء التوظيف على الكافر والخراج أليق به ومكة مخصوصة من هذا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحها عنوة وتركها لأهلها ولم يوظف الخراج.
" وفي الجامع الصغير كل أرض فتحت عنوة فوصل إليها ماء الأنهار فهي أرض خراج ومالم يصل إليها ماء الأنهار واستخرج منها عين فهي أرض عشر " لأن العشر يتعلق بالأرض النامية ونماؤها بمائها فيعتبر السقي بماء العشر أو بماء الخراج.
قال:" ومن أحيا أرضا مواتا فهي عند أبي يوسف رحمه الله تعالى معتبرة بحيزها فإن كانت من حيز أرض الخراج " ومعناه بقربه " فهي خراجية وإن كانت من حيز أرض العشر فهي عشرية " والبصرة عنده عشرية بإجماع الصحابة رضي الله عنهم لأن حيز الشيء يعطي له حكمه كفناء الدار يعطى له حكم الدار حتى يجوز لصاحبها الانتفاع به وكذا لا يجوز أخذ ما قرب من العامر وكان القياس في البصرة أن تكون خراجية لأنها من حيز أرض الخراج إلا أن الصحابة رضي الله عنهم وظفوا عليها العشر فترك القياس لإجماعهم " وقال محمد رحمه الله إن أحياها ببئر حفرها أو بعين استخرجها أو ماء دجلة أو الفرات أو الأنهار العظام التي لا يملكها أحد فهي عشرية " وكذا إن أحياها بماء السماء " وإن أحياها بماء الأنهار التي احتفرها الأعاجم " مثل نهر الملك ونهر يزدجرد " فهي خراجية " لما ذكرنا من اعتبار الماء إذ هو السبب للنماء ولأنه لا يمكن توظيف الخراج ابتداء على المسلم كرها فيعتبر في ذلك الماء لأن السقي بماء الخراج دلالة التزامية.
قال:" والخراج الذي وضعه عمر رضي الله عنه على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم " وهذا هو المنقول عن عمر رضي الله عنه فإنه بعث عثمان بن حنيف حتى يمسح سواد العراق وجعل حذيفة مشرفا عليه فمسح فبلغ ستا وثلاثين ألف ألف جريب ووضع على ذلك ما قلنا وكان ذلك بمحضر من الصحابة رضي