ولأنه أهون الأمرين ولعل الشر يندفع به فيبدأ به " ولا يبدأ بقتال حتى يبدءوه فإن بدءوه قاتلهم حتى يفرق جمعهم " قال العبد الضعيف هكذا ذكره القدوري رحمه الله في مختصره وذكر الإمام المعروف بخواهر زاده رحمه الله أن عندنا يجوز أن يبدأ بقتالهم إذا تعسكروا واجتمعوا وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز حتى يبدءوا بالقتال حقيقة لأنه لا يجوز قتل المسلم إلا دفعا وهم مسلمون بخلاف الكافر لأن نفس الكفر مبيح عنده ولنا أن الحكم يدار على الدليل وهو الاجتماع والامتناع وهذا لأنه لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم ربما لا يمكنه الدفع فيدار على الدليل ضرورة دفع شرهم وإذا بلغه أنهم يشترون السلاح ويتأهبون للقتال ينبغي أن يأخذهم ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك ويحدثوا توبة دفعا للشر بقدر الإمكان والمروي عن أبي حنيفة رحمه الله من لزوم البيت محمول على حال عدم الإمام أما إعانة الإمام الحق فمن الواجب عند الغناء والقدرة " فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم وأتبع موليهم " دفعا لشرهم كيلا يلتحقوا بهم " وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم " لاندفاع الشر دونه وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز ذلك في الحالين لأن القتال إذا تركوه لم يبق قتلهم دفعا وجوابه ما ذكرناه أن المعتبر دليله لا حقيقته " ولا يسبى لهم ذرية ولا يقسم لهم مال " لقول علي رضي الله عنه يوم الجمل ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا يؤخذ مال وهو القدرة في هذا الباب وقوله في الأسير تأويله إذا لم يكن لهم فئة فإن كانت يقتل الإمام الأسير وإن شاء حبسه لما ذكرنا ولأنهم مسلمون والإسلام يعصم النفس والمال.
" ولا بأس بأن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه " وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز والكراع على هذا الخلاف له أنه مال مسلم فلا يجوز الانتفاع به إلا برضاه ولنا أن عليا رضي الله عنه قسم السلاح فيما بين أصحابه بالبصرة وكانت قسمته للحاجة لا للتمليك ولأن للإمام أن يفعل ذلك في مال العادل عند الحاجة ففي مال الباغي أولى والمعنى فيه إلحاق الضرر الأدنى لدفع الأعلى.
" ويحبس الإمام أموالهم فلا يردها عليهم ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها عليهم " أما عدم القسمة فلما بيناه وأما الحبس فلدفع شرهم بكسر شوكتهم ولهذا يحبسها عنهم وإن كان لا يحتاج إليها إلا أنه يبيع الكراع لأن حبس الثمن أنظر وأيسر وأما الرد بعد التوبة فلاندفاع الضرورة ولا استغنام فيها.
قال:" وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا " لأن ولاية الأخذ له باعتبار الحماية ولم يحمهم " فإن كانوا صرفوه في حقه أجزأ