الشافعي. وقال مالك: لا أعرف ما المفاوضة. وجه القياس أنها تضمنت الوكالة بمجهول الجنس والكفالة بمجهول، وكل ذلك بانفراده فاسد. وجه الاستحسان قوله صلى الله عليه وسلم "فاوضوا فإنه أعظم للبركة" وكذا الناس يعاملونها من غير نكير وبه يترك القياس والجهالة متحملة تبعا كما في المضاربة "ولا تنعقد إلا بلفظة المفاوضة" لبعد شرائطها عن علم العوام، حتى لو بينا جميع ما تقتضيه تجوز لأن المعتبر هو المعنى.
قال:"فتجوز بين الحرين الكبيرين مسلمين أو ذميين لتحقق التساوي، وإن كان أحدهما كتابيا والآخر مجوسيا تجوز أيضا" لما قلنا "ولا تجوز بين الحر والمملوك ولا بين الصبي والبالغ" لانعدام المساواة، لأن الحر البالغ يملك التصرف والكفالة، والمملوك لا يملك واحدا منهما إلا بإذن المولى، والصبي لا يملك الكفالة ولا يملك التصرف إلا بإذن الولي.
قال:"ولا بين المسلم والكافر" وهذا قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: يجوز للتساوي بينهما في الوكالة والكفالة، ولا معتبر بزيادة تصرف يملكه أحدهما كالمفاوضة بين الشفعوي والحنفي فإنها جائزة. ويتفاوتان في التصرف في متروك التسمية، إلا أنه يكره لأن الذمي لا يهتدي إلى الجائز من العقود. ولهما أنه لا تساوي في التصرف، فإن الذمي لو اشترى برأس المال خمورا أو خنازير صح، ولو اشتراها مسلم لا يصح "ولا يجوز بين العبدين ولا بين الصبيين ولا بين المكاتبين" لانعدام صحة الكفالة، وفي كل موضع لم تصح المفاوضة لفقد شرطها، ولا يشترط ذلك في العنان كان عنانا لاستجماع شرائط العنان، إذ هو قد يكون خاصا وقد يكون عاما.
قال:"وتنعقد على الوكالة والكفالة" أما الوكالة فلتحقق المقصود وهو الشركة في المال على ما بيناه، وأما الكفالة: فلتحقق المساواة فيما هو من مواجب التجارات وهو توجه المطالبة نحوهما جميعا.
قال:"وما يشتريه كل واحد منهما يكون على الشركة إلا طعام أهله وكسوتهم" وكذا كسوته، وكذا الإدام لأن مقتضى العقد المساواة، وكل واحد منهما قائم مقام صاحبه في التصرف، وكان شراء أحدهما كشرائهما، إلا ما استثناه في الكتاب، وهو استحسان لأنه مستثنى عن المفاوضة للضرورة، فإن الحاجة الراتبة معلومة الوقوع، ولا يمكن إيجابه على صاحبه ولا التصرف من ماله، ولا بد من الشراء فيختص به ضرورة. والقياس أن يكون على الشركة لما بينا "وللبائع أن يأخذ بالثمن أيهما شاء" المشتري بالأصالة وصاحبه بالكفالة