ولنا أن المقصود منه التحصيل وهو ممكن بالتوكيل، لأنه لما كان وكيلا في النصف أصيلا في النصف تحققت الشركة في المال المستفاد ولا يشترط فيه اتحاد العمل والمكان خلافا لمالك وزفر فيهما؛ لأن المعنى المجوز للشركة وهو ما ذكرناه لا يتفاوت.
"ولو شرطا العمل نصفين والمال أثلاثا جاز" وفي القياس: لا يجوز؛ لأن الضمان بقدر العمل، فالزيادة عليه ربح ما لم يضمن فلم يجز العقد لتأديته إليه، وصار كشركة الوجوه، ولكنا نقول: ما يأخذه لا يأخذه ربحا لأن الربح عند اتحاد الجنس، وقد اختلف لأن رأس المال عمل والربح مال فكان بدل العمل والعمل يتقوم بالتقويم فيتقدر بقدر ما قوم به فلا يحرم، بخلاف شركة الوجوه؛ لأن جنس المال متفق والربح يتحقق في الجنس المتفق، وربح ما لم يضمن لا يجوز إلا في المضاربة.
قال:"وما يتقبله كل واحد منهما من العمل يلزمه ويلزم شريكه" حتى إن كل واحد منهما يطالب بالعمل ويطالب بالأجر "ويبرأ الدافع بالدفع إليه" وهذا ظاهر في المفاوضة وفي غيرها استحسان. والقياس خلاف ذلك لأن الشركة وقعت مطلقة والكفالة مقتضى المفاوضة. وجه الاستحسان أن هذه الشركة مقتضية للضمان؛ ألا ترى أن ما يتقبله كل واحد منهما من العمل مضمون على الآخر، ولهذا يستحق الأجر بسبب نفاذ تقبله عليه فجرى مجرى المفاوضة في ضمان العمل واقتضاء البدل.
قال:"وأما شركة الوجوه فالرجلان يشتركان ولا مال لهما على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا فتصح الشركة على هذا" سميت به لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من كان له وجاهة عند الناس، وإنما تصح مفاوضة لأنه يمكن تحقيق الكفالة والوكالة في الأبدال، وإذا أطلقت تكون عنانا لأن مطلقه ينصرف إليه وهي جائزة عندنا خلافا للشافعي، والوجه من الجانبين ما قدمناه في شركة التقبل.
قال:"وكل واحد منهما وكيل الآخر فيما يشتريه" لأن التصرف على الغير لا يجوز إلا بوكالة أو بولاية ولا ولاية فتتعين الوكالة "فإن شرطا أن المشترى بينهما نصفان والربح كذلك يجوز، ولا يجوز أن يتفاضلا فيه، وإن شرطا أن يكون المشترى بينهما أثلاثا فالربح كذلك"، وهذا لأن الربح لا يستحق إلا بالمال أو العمل أو بالضمان فرب المال يستحقه بالمال، والمضارب يستحقه بالعمل، والأستاذ الذي يلقي العمل على التلميذ بالنصف بالضمان، ولا يستحق بما سواها؛ ألا ترى أن من قال لغيره تصرف في مالك على أن لي ربحه لم يحز