روايات البيوع: إن كان فيما لا يحدث مثله يرجع بالنقصان للتيقن بقيام العيب عند البائع الأول.
قال:"ومن اشترى عبدا فقبضه فادعى عيبا لم يجبر على دفع الثمن حتى يحلف البائع أو يقيم المشتري بينة" لأنه أنكر وجوب دفع الثمن حيث أنكر تعين حقه بدعوى العيب، ودفع الثمن أولا ليتعين حقه بإزاء تعين المبيع؛ ولأنه لو قضي بالدفع فلعله يظهر العيب فينتقض القضاء فلا يقضي به صونا لقضائه "فإن قال المشتري شهودي بالشام استحلف البائع ودفع الثمن" يعني إذا حلف ولا ينتظر حضور الشهود؛ لأن في الانتظار ضررا بالبائع، وليس في الدفع كثير ضرر به؛ لأنه على حجته، أما إذا نكل ألزم العيب؛ لأنه حجة فيه.
قال:"ومن اشترى عبدا فادعى إباقا لم يحلف البائع حتى يقيم المشتري البينة أنه أبق عنده" والمراد التحليف على أنه لم يأبق عنده؛ لأن القول وإن كان قوله ولكن إنكاره إنما يعتبر بعد قيام العيب به في يد المشتري ومعرفته بالحجة "فإذا أقامها حلف بالله لقد باعه وسلمه إليه وما أبق عنده قط" كذا قال في الكتاب، وإن شاء حلفه بالله ما له حق الرد عليك من الوجه الذي يدعي أو بالله ما أبق عندك قط أما لا يحلفه بالله لقد باعه وما به هذا العيب ولا بالله لقد باعه وسلمه وما به هذا العيب؛ لأن فيه ترك النظر للمشتري؛ لأن العيب قد يحدث بعد البيع قبل التسليم وهو موجب للرد، والأول ذهول عنه والثاني يوهم تعلقه بالشرطين فيتأوله في اليمين عند قيامه وقت التسليم دون البيع، ولو لم يجد المشتري بينة على قيام العيب عنده وأراد تحليف البائع ما يعلم أنه أبق عنده يحلف على قولهما.
واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة رحمه الله لهما أن الدعوى معتبرة حتى يترتب عليها البينة فكذا يترتب التحليف. وله على ما قاله البعض أن الحلف يترتب على دعوى صحيحة، وليست تصح إلا من خصم ولا يصير خصما فيه إلا بعد قيام العيب. وإذا نكل عن اليمين عندهما يحلف ثانيا للرد على الوجه الذي قدمناه. قال رضي الله عنه: إذا كانت الدعوى في إباق الكبير يحلف ما أبق منذ بلغ مبلغ الرجال؛ لأن الإباق في الصغر لا يوجب رده بعد البلوغ.
قال:"ومن اشترى جارية وتقابضا فوجد بها عيبا فقال البائع: بعتك هذه وأخرى معها وقال المشتري: بعتنيها وحدها فالقول قول المشتري"؛ لأن الاختلاف في مقدار المقبوض فيكون القول للقابض كما في الغصب "وكذا إذا اتفقا على مقدار المبيع واختلفا في المقبوض" لما بينا.