للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل أنه بمنزلة الاستحقاق عنده وبمنزلة العيب عندهما. لهما أن الموجود في يد البائع سبب القطع والقتل وأنه لا ينافي المالية فنفذ العقد فيه لكنه متعيب فيرجع بنقصانه عند تعذر رده وصار كما إذا اشترى جارية حاملا فماتت في يده بالولادة فإنه يرجع بفضل ما بين قيمتها حاملا إلى غير حامل. وله أن سبب الوجوب في يد البائع والوجوب يفضي إلى الوجود فيكون الوجود مضافا إلى السبب السابق، وصار كما إذا قتل المغصوب أو قطع بعد الرد بجناية وجدت في يد الغاصب، وما ذكر من المسألة ممنوع.

ولو سرق في يد البائع ثم في يد المشتري فقطع بهما عندهما يرجع بالنقصان كما ذكرنا. وعنده لا يرده بدون رضا البائع للعيب الحادث ويرجع بربع الثمن، وإن قبله البائع فبثلاثة الأرباع؛ لأن اليد من الآدمي نصفه وقد تلفت بالجنايتين وفي إحداهما رجوع فيتنصف؛ ولو تداولته الأيدي ثم قطع في يد الأخير رجع الباعة بعضهم على بعض عنده كما في الاستحقاق، وعندهما يرجع الأخير على بائعه ولا يرجع بائعه على بائعه؛ لأنه بمنزلة العيب. وقوله "في الكتاب ولم يعلم المشتري" يفيد على مذهبهما؛ لأن العلم بالعيب رضا به، ولا يفيد على قوله في الصحيح؛ لأن العلم بالاستحقاق لا يمنع الرجوع.

قال: "ومن باع عبدا وشرط البراءة من كل عيب فليس له أن يرده بعيب وإن لم يسم العيوب بعددها" وقال الشافعي: لا تصح البراءة بناء على مذهبه أن الإبراء عن الحقوق المجهولة لا يصح. هو يقول: إن في الإبراء معنى التمليك حتى يرتد بالرد، وتمليك المجهول لا يصح. ولنا أن الجهالة في الإسقاط لا تفضي إلى المنازعة وإن كان في ضمنه التمليك لعدم الحاجة إلى التسليم فلا تكون مفسدة، ويدخل في هذه البراءة العيب الموجود والحادث قبل القبض في قول أبي يوسف. وقال محمد رحمه الله: لا يدخل فيه الحادث وهو قول زفر رحمه الله؛ لأن البراءة تتناول الثابت. ولأبي يوسف أن الغرض إلزام العقد بإسقاط حقه عن صفة السلامة وذلك بالبراءة عن الموجود والحادث.

<<  <  ج: ص:  >  >>