للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحسانا، وهو الصحيح؛ لأن البيع تسليط منه على القبض، فإذا قبضه بحضرته قبل الافتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق، وكذا القبض في الهبة في مجلس العقد يصح استحسانا، وشرط أن يكون في العقد عوضان كل واحد منهما مال ليتحقق ركن البيع وهو مبادلة المال فيخرج عليه البيع بالميتة والدم والحر والريح والبيع مع نفي الثمن، وقوله لزمته قيمته، في ذوات القيم، فأما في ذوات الأمثال فيلزمه المثل؛ لأنه مضمون بنفسه بالقبض فشابه الغصب، وهذا؛ لأن المثل صورة ومعنى أعدل من المثل معنى.

قال: "ولكل واحد من المتعاقدين فسخه" رفعا للفساد، وهذا قبل القبض ظاهر؛ لأنه لم يفد حكمه فيكون الفسخ امتناعا منه، وكذا بعد القبض إذا كان الفساد في صلب العقد لقوته، وإن كان الفساد بشرط زائد فلمن له الشرط ذلك دون من عليه لقوة العقد، إلا أنه لم تتحقق المراضاة في حق من له الشرط.

قال: "فإن باعه المشتري نفذ بيعه"؛ لأنه ملكه فملك التصرف فيه وسقط حق الاسترداد لتعلق حق العبد بالثاني ونقض الأول لحق الشرع وحق العبد مقدم لحاجته ولأن الأول مشروع بأصله دون وصفه، والثاني مشروع بأصله ووصفه فلا يعارضه مجرد الوصف؛ ولأنه حصل بتسليط من جهة البائع، بخلاف تصرف المشتري في الدار المشفوعة؛ لأن كل واحد منهما حق العبد ويستويان في المشروعية وما حصل بتسليط من الشفيع.

قال: "ومن اشترى عبدا بخمر أو خنزير فقبضه وأعتقه أو باعه أو وهبه وسلمه فهو جائز وعليه القيمة" لما ذكرنا أنه ملكه بالقبض فتنفذ تصرفاته، وبالإعتاق قد هلك فتلزمه القيمة، وبالبيع والهبة انقطع الاسترداد على ما مر، والكتابة والرهن نظير البيع؛ لأنهما لازمان. إلا أنه يعود حق الاسترداد بعجز المكاتب وفك الرهن لزوال المانع. وهذا بخلاف الإجارة؛ لأنها تفسخ بالأعذار، ورفع الفساد عذر؛ ولأنها تنعقد شيئا فشيئا فيكون الرد امتناعا.

قال: "وليس للبائع في البيع الفاسد أن يأخذ المبيع حتى يرد الثمن"؛ لأن المبيع مقابل به فيصير محبوسا به كالرهن "وإن مات البائع فالمشتري أحق به حتى يستوفي الثمن"؛ لأنه يقدم عليه في حياته، فكذا على ورثته وغرمائه بعد وفاته كالراهن ثم إن كانت دراهم الثمن قائمة يأخذها بعينها؛ لأنها تتعين في البيع الفاسد، وهو الأصح؛ لأنه بمنزلة الغصب، وإن كانت مستهلكة أخذ مثلها لما بينا.

قال: "ومن باع دارا بيعا فاسدا فبناها المشتري فعليه قيمتها" عند أبي حنيفة رحمه الله ورواه يعقوب عنه في الجامع الصغير ثم شك بعد ذلك في الرواية. "وقالا: ينقض البناء وترد

<<  <  ج: ص:  >  >>