للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "وعن بيع الحاضر للبادي" فقد قال عليه الصلاة والسلام: "لا يبع الحاضر للبادي" وهذا إذا كان أهل البلد في قحط وعوز، وهو أن يبيع من أهل البدو طمعا في الثمن الغالي لما فيه من الإضرار بهم أما إذا لم يكن كذلك فلا بأس به لانعدام الضرر.

قال: "والبيع عند أذان الجمعة" قال الله تعالى: {وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة:٩] ثم فيه إخلال بواجب السعي على بعض الوجوه، وقد ذكرنا الأذان المعتبر فيه في كتاب الصلاة.

قال: "وكل ذلك يكره" لما ذكرنا، "ولا يفسد به البيع"؛ لأن الفساد في معنى خارج زائد لا في صلب العقد ولا في شرائط الصحة.

قال "ولا بأس ببيع من يزيد" وتفسيره ما ذكرنا. وقد صح أن النبي عليه الصلاة والسلام باع قدحا وحلسا ببيع من يزيد؛ ولأنه بيع الفقراء والحاجة ماسة إلى "نوع منه".

قال: "ومن ملك مملوكين صغيرين أحدهما ذو رحم محرم من الآخر لم يفرق بينهما، وكذلك إن كان أحدهما كبيرا" والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم: "من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة". ووهب النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله تعالى عنه غلامين أخوين صغيرين ثم قال له: "ما فعل الغلامان؟ " فقال: بعت أحدهما، فقال: "أدرك أدرك"، ويروى: "رده رده"؛ ولأن الصغير يستأنس بالصغير وبالكبير والكبير يتعاهده فكان في بيع أحدهما قطع الاستئناس، والمنع من التعاهد وفيه ترك المرحمة على الصغار، وقد أوعد عليه ثم المنع معلول بالقرابة المحرمة للنكاح حتى لا يدخل فيه محرم غير قريب ولا قريب غير محرم، ولا يدخل فيه الزوجان حتى جاز التفريق بينهما؛ لأن النص ورد بخلاف القياس فيقتصر على مورده، ولا بد من اجتماعهما في ملكه لما ذكرنا، حتى لو كان أحد الصغيرين له والآخر لغيره لا بأس ببيع واحد منهما، ولو كان التفريق بحق مستحق لا بأس به كدفع أحدهما بالجناية وبيعه بالدين ورده بالعيب؛ لأن المنظور إليه دفع الضرر عن غيره لا الإضرار به.

قال: "فإن فرق كره له ذلك وجاز العقد" وعن أبي يوسف رحمه الله أنه لا يجوز في قرابة الولاد ويجوز في غيرها. وعنه أنه لا يجوز في جميع ذلك لما روينا، فإن الأمر بالإدراك والرد لا يكون إلا في البيع الفاسد. ولهما أن ركن البيع صدر من أهله في محله، وإنما الكراهة لمعنى مجاور فشابه كراهة الاستيام "وإن كانا كبيرين فلا بأس بالتفريق بينهما"؛ لأنه ليس في معنى ما ورد به النص، وقد صح "أنه عليه الصلاة والسلام فرق بين مارية وسيرين وكانتا أمتين أختين" والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>