للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة رحمه الله إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء تركه "وإن اطلع على خيانة في التولية أسقطها من الثمن، وقال أبو يوسف رحمه الله: يحط فيهما، وقال محمد رحمه الله: يخير فيهما" لمحمد رحمه الله أن الاعتبار للتسمية؛ لكونه معلوما، والتولية والمرابحة ترويج وترغيب فيكون وصفا مرغوبا فيه كوصف السلامة فيتخير بفواته، ولأبي يوسف رحمه الله أن الأصل فيه كونه تولية ومرابحة ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان ذلك معلوما فلا بد من البناء على الأول وذلك بالحط، غير أنه يحط في التولية قدر الخيانة من رأس المال وفي المرابحة منه ومن الربح، ولأبي حنيفة رحمه الله أنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية؛ لأنه يزيد على الثمن الأول فيتغير التصرف فتعين الحط وفي المرابحة لو لم يحط تبقى مرابحة وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير، فلو هلك قبل أن يرده أو حدث فيه ما يمنع الفسخ يلزمه جميع الثمن في الروايات الظاهرة؛ لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط، بخلاف خيار العيب؛ لأنه المطالبة بتسليم الفائت فيسقط ما يقابله عند عجزه.

قال: "ومن اشترى ثوبا فباعه بربح ثم اشتراه، فإن باعه مرابحة طرح عنه كل ربح كان قبل ذلك، فإن كان استغرق الثمن لم يبعه مرابحة، وهذا عند أبي حنيفة رحمه الله وقالا: يبيعه مرابحة على الثمن الأخير".

صورته: إذا اشترى ثوبا بعشرة وباعه بخمسة عشر ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة بخمسة ويقول قام علي بخمسة، ولو اشتراه بعشرة وباعه بعشرين مرابحة ثم اشتراه بعشرة لا يبيعه مرابحة أصلا، وعندهما يبيعه مرابحة على العشرة في الفصلين، لهما أن العقد الثاني عقد متجدد منقطع الأحكام عن الأول فيجوز بناء المرابحة عليه، كما إذا تخلل ثالث، ولأبي حنيفة رحمه الله أن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة؛ لأنه يتأكد به بعدما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب الشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا ولهذا لم تجز المرابحة فيما أخذ بالصلح لشبهة الحطيطة فيصير كأنه اشترى خمسة وثوبا بعشرة فيطرح عنه خمسة، بخلاف ما إذا تخلل ثالث؛ لأن التأكيد حصل بغيره.

قال: "وإذا اشترى العبد المأذون له في التجارة ثوبا بعشرة وعليه دين يحيط برقبته فباعه من المولى بخمسة عشر فإنه يبيعه مرابحة على عشرة، وكذلك إن كان المولى اشتراه فباعه من العبد" لأن في هذا العقد شبهة العدم بجوازه مع المنافي فاعتبر عدما في حكم المرابحة وبقي الاعتبار للأول فيصير كأن العبد اشتراه للمولى بعشرة في الفصل الأول، وكأنه يبيعه للمولى في الفصل الثاني فيعتبر الثمن الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>