في بيع الطعام". له قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المعروف "يدا بيد" ولأنه إذا لم يقبض في المجلس فيتعاقب القبض وللنقد مزية فتثبت شبهة الربا. ولنا أنه مبيع متعين فلا يشترط فيه القبض كالثوب، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين، بخلاف الصرف لأن القبض فيه ليتعين به؛ ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام "يدا بيد" عينا بعين، وكذا رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه وتعاقب القبض لا يعتبر تفاوتا في المال عرفا، بخلاف النقد والمؤجل.
قال: "ويجوز بيع البيضة بالبيضتين والتمرة بالتمرتين والجوزة بالجوزتين" لانعدام المعيار فلا يتحقق الربا. والشافعي يخالفنا فيه لوجود الطعم على ما مر.
قال: "ويجوز بيع الفلس بالفلسين بأعيانهما" عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: لا يجوز لأن الثمنية تثبت باصطلاح الكل فلا تبطل باصطلاحهما، وإذا بقيت أثمانا لا تتعين فصار كما إذا كانا بغير أعيانهما وكبيع الدرهم بالدرهمين. ولهما أن الثمنية في حقهما تثبت باصطلاحهما إذ لا ولاية للغير عليهما فتبطل باصطلاحهما وإذا بطلت الثمنية تتعين بالتعيين ولا يعود وزنيا لبقاء الاصطلاح على العد إذ في نقضه في حق العد فساد العقد فصار كالجوزة بالجوزتين بخلاف النقود لأنها للثمنية خلقة، وبخلاف ما إذا كانا بغير أعيانهما لأنه كالئ بالكالئ وقد نهي عنه، وبخلاف ما إذا كان أحدهما بغير عينه لأن الجنس بانفراده يحرم النساء.
قال: "ولا يجوز بيع الحنطة بالدقيق ولا بالسويق" لأن المجانسة باقية من وجه لأنهما من أجزاء الحنطة والمعيار فيهما الكيل، لكن الكيل غير مسو بينهما وبين الحنطة لاكتنازهما فيه وتخلخل حبات الحنطة فلا يجوز وإن كان كيلا بكيل "ويجوز بيع الدقيق بالدقيق متساويا كيلا" لتحقق الشرط "وبيع الدقيق بالسويق لا يجوز " عند أبي حنيفة متفاضلا، ولا متساويا لأنه لا يجوز بيع الدقيق بالمقلية ولا بيع السويق بالحنطة، فكذا بيع أجزائهما لقيام المجانسة من وجه. وعندهما يجوز لأنهما جنسان مختلفان لاختلاف المقصود. قلنا: معظم المقصود وهو التغذي يشملهما فلا يبالى بفوات البعض كالمقلية مع غير المقلية والعلكة بالمسوسة.
قال: "ويجوز بيع اللحم بالحيوان" عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: إذا باعه بلحم من جنسه لا يجوز إلا إذا كان اللحم المفرز أكثر ليكون اللحم بمقابلة ما فيه من اللحم والباقي بمقابلة السقط، إذ لو لم يكن كذلك يتحقق الربا من حيث زيادة