مضبوط الوصف مقدور التسليم إذ هو غير منقطع "ولا يجوز السلم فيه عددا" للتفاوت.
قال:"ولا خير في السلم في السمك الطري إلا في حينه وزنا معلوما وضربا معلوما" لأنه ينقطع في زمان الشتاء، حتى لو كان في بلد لا ينقطع يجوز مطلقا، وإنما يجوز وزنا لا عددا لما ذكرنا. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز في لحم الكبار منها وهي التي تقطع اعتبارا بالسلم في اللحم عنده.
قال:"ولا خير في السلم في اللحم عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: إذا وصف من اللحم موضعا معلوما بصفة معلومة جاز" لأنه موزون مضبوط الوصف ولهذا يضمن بالمثل. ويجوز استقراضه وزنا ويجري فيه ربا الفضل، بخلاف لحم الطيور لأنه لا يمكن وصف موضع منه. وله أنه مجهول للتفاوت في قلة العظم وكثرته أو في سمنه وهزاله على اختلاف فصول السنة، وهذه الجهالة مفضية إلى المنازعة. وفي مخلوع العظم لا يجوز على الوجه الثاني وهو الأصح، والتضمين بالمثل ممنوع. وكذا الاستقراض، وبعد التسليم فالمثل أعدل من القيمة، ولأن القبض يعاين فيعرف مثل المقبوض به في وقته، أما الوصف فلا يكتفى به.
قال:"ولا يجوز السلم إلا مؤجلا" وقال الشافعي رحمه الله: يجوز حالا لإطلاق الحديث ورخص في السلم. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:"إلى أجل معلوم" فيما روينا، ولأنه شرع رخصة دفعا لحاجة المفاليس فلا بد من الأجل ليقدر على التحصيل فيه فيسلم، ولو كان قادرا على التسليم لم يوجد المرخص فبقي على النافي.
قال:"ولا يجوز إلا بأجل معلوم" لما روينا، ولأن الجهالة فيه مفضية إلى المنازعة كما في البيع، والأجل أدناه شهر وقيل ثلاثة أيام، وقيل أكثر من نصف يوم. والأول أصح "ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه" معناه إذا لم يعرف مقداره لأنه تأخر فيه التسليم فربما يضيع فيؤدي إلى المنازعة وقد مر من قبل، ولا بد أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالقصاع مثلا، فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب لا يجوز للمنازعة إلا في قرب الماء للتعامل فيه، كذا روي عن أبي يوسف رحمه الله.
قال:"ولا في طعام قرية بعينها" أو ثمرة نخلة بعينها لأنه قد يعتريه آفة فلا يقدر على التسليم وإليه أشار عليه الصلاة والسلام حيث قال "أرأيت لو أذهب الله تعالى الثمر بم يستحل أحدكم مال أخيه؟ " ولو كانت النسبة إلى قرية لبيان الصفة لا بأس به على ما قالوا كالخشمراني ببخارى والبساخي بفرغانة.