للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: "ولا يصح السلم حتى يقبض رأس المال قبل أن يفارقه فيه" أما إذا كان من النقود فلأنه افتراق عن دين بدين، وقد "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ وإن كان عينا"، فلأن السلم أخذ عاجل بآجل، إذ الإسلام والإسلاف ينبئان عن التعجيل فلا بد من قبض أحد العوضين ليتحقق معنى الاسم، ولأنه لا بد من تسليم رأس المال ليتقلب المسلم إليه فيه فيقدر على التسليم، ولهذا قلنا: لا يصح السلم إذا كان فيه خيار الشرط لهما أو لأحدهما لأنه يمنع تمام القبض لكونه مانعا من الانعقاد في حق الحكم، وكذا لا يثبت فيه خيار الرؤية لأنه غير مفيد، بخلاف خيار العيب لأنه لا يمنع تمام القبض

ولو أسقط خيار الشرط قبل الافتراق ورأس المال قائم جاز خلافا لزفر، وقد مر نظيره "وجملة الشروط جمعوها في قولهم إعلام رأس المال وتعجيله وإعلام المسلم فيه وتأجيله وبيان مكان الإيفاء والقدرة على تحصيله، فإن أسلم مائتي درهم في كر حنطة مائة منها دين على المسلم إليه ومائة نقد فالسلم في حصة الدين باطل" لفوات القبض "ويجوز في حصة النقد" لاستجماع شرائطه ولا يشيع الفساد لأن الفساد طارئ، إذ السلم وقع صحيحا، ولهذا لو نقد رأس المال قبل الافتراق صح إلا أنه يبطل بالافتراق لما بينا، وهذا لأن الدين لا يتعين في البيع، ألا ترى أنهما لو تبايعا عينا بدين ثم تصادقا أن لا دين لا يبطل البيع فينعقد صحيحا.

قال: "ولا يجوز التصرف في رأس مال السلم والمسلم فيه قبل القبض" أما الأول فلما فيه من تفويت القبض المستحق بالعقد. وأما الثاني فلأن المسلم فيه مبيع والتصرف في المبيع قبل القبض لا يجوز.

قال: "ولا تجوز الشركة والتولية في المسلم فيه" لأنه تصرف فيه "فإن تقايلا السلم لم يكن له أن يشتري من المسلم إليه برأس المال شيئا حتى يقبضه كله" لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تأخذ إلا سلمك أو رأس مالك" أي عند الفسخ، ولأنه أخذ شبها بالمبيع فلا يحل التصرف فيه قبل قبضه، وهذا لأن الإقالة بيع جديد في حق ثالث، ولا يمكن جعل المسلم فيه مبيعا لسقوطه فجعل رأس المال مبيعا لأنه دين مثله، إلا أنه لا يجب قبضه في المجلس لأنه ليس في حكم الابتداء من كل وجه، وفيه خلاف زفر رحمه الله، والحجة عليه ما ذكرناه.

قال: "ومن أسلم في كر حنطة فلما حل الأجل اشترى المسلم إليه من رجل كرا وأمر رب السلم بقبضه قضاء لم يكن قضاء، وإن أمره أن يقبضه له ثم يقبضه لنفسه فاكتاله له ثم اكتاله لنفسه جاز" لأنه اجتمعت الصفقتان بشرط الكيل فلا بد من الكيل مرتين لنهي النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>