للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ودفع الدينار وتقاصا العشرة بالعشرة فهو جائز" ومعنى المسألة إذا باع بعشرة مطلقة. ووجهه أنه يجب بهذا العقد ثمن يجب عليه تعيينه بالقبض لما ذكرنا، والدين ليس بهذه الصفة فلا تقع المقاصة بنفس المبيع لعدم المجانسة، فإذا تقاصا يتضمن ذلك فسخ الأول والإضافة إلى الدين، إذ لولا ذلك يكون استبدالا ببدل الصرف، وفي الإضافة إلى الدين تقع المقاصة بنفس العقد على ما نبينه، والفسخ قد يثبت بطريق الاقتضاء كما إذا تبايعا بألف ثم بألف وخمسمائة، وزفر يخالفنا فيه لأنه لا يقول بالاقتضاء، وهذا إذا كان الدين سابقا. فإن كان لاحقا فكذلك في أصح الروايتين لتضمنه انفساخ الأول والإضافة إلى دين قائم وقت تحويل العقد فكفى ذلك للجواز.

قال: "ويجوز بيع درهم صحيح ودرهمي غلة بدرهمين صحيحين ودرهم غلة" والغلة ما يرده بيت المال ويأخذه التجار. ووجهه تحقق المساواة في الوزن وما عرف من سقوط اعتبار الجودة.

قال: "وإذا كان الغالب على الدراهم الفضة فهي فضة، وإذا كان الغالب على الدنانير الذهب فهي ذهب، ويعتبر فيهما من تحريم التفاضل ما يعتبر في الجياد حتى لا يجوز بيع الخالصة بها ولا بيع بعضها ببعض إلا متساويا في الوزن. وكذا لا يجوز الاستقراض بها إلا وزنا" لأن النقود لا تخلو عن قليل غش عادة لأنها لا تنطبع إلا مع الغش، وقد يكون الغش خلقيا كما في الرديء منه فيلحق القليل بالرداءة، والجيد والرديء سواء "وإن كان الغالب عليهما الغش فليسا في حكم الدراهم والدنانير" اعتبارا للغالب، فإن اشترى بها فضة خالصة فهو على الوجوه التي ذكرناها في حلية السيف. "وإن بيعت بجنسها متفاضلا جاز صرفا للجنس إلى خلاف الجنس" فهي في حكم شيئين فضة وصفر ولكنه صرف حتى يشترط القبض في المجلس لوجود الفضة من الجانبين، فإذا شرط القبض في الفضة يشترط في الصفر لأنه لا يتميز عنه إلا بضرر.

قال رضي الله عنه: ومشايخنا رحمهم الله لم يفتوا بجواز ذلك في العدالى والغطارفة لأنها أعز الأموال في ديارنا، فلو أبيح التفاضل فيه ينفتح باب الربا، ثم إن كانت تروج بالوزن فالتبايع والاستقراض فيها بالوزن، وإن كانت تروج بالعد فبالعد، وإن كانت تروج بهما فبكل واحد منهما لأن المعتبر هو المعتاد فيهما إذا لم يكن فيهما نص، ثم هي ما دامت تروج تكون أثمانا لا تتعين بالتعيين، وإذا كانت لا تروج فهي سلعة تتعين بالتعيين، وإذا كانت يتقبلها البعض دون البعض فهي كالزيوف لا يتعلق العقد بعينها بل بجنسها زيوفا إن كان البائع يعلم بحالها لتحقق الرضا منه، وبجنسها من الجياد إن كان لا يعلم لعدم الرضا منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>