أقر بتسليم القاضي فيسلم ما في يده إلى المقر له الأول لسبق حقه ويضمن قيمته للقاضي بإقراره الثاني ويسلم إلى المقر له من جهة القاضي.
قال:"ويجلس للحكم جلوسا ظاهرا في المسجد" كي لا يشتبه مكانه على الغرباء وبعض المقيمين، والمسجد الجامع أولى لأنه أشهر. وقال الشافعي رحمه الله: يكره الجلوس في المسجد للقضاء لأنه يحضره المشرك وهو نجس بالنص والحائض وهي ممنوعة عن دخوله. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:"إنما بنيت المساجد لذكر الله تعالى والحكم". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل الخصومة في معتكفه وكذا الخلفاء الراشدون كانوا يجلسون في المساجد لفصل الخصومات، ولأن القضاء عبادة فيجوز إقامتها في المسجد كالصلاة. ونجاسة المشرك في اعتقاده لا في ظاهره فلا يمنع من دخوله، والحائض تخبر بحالها فيخرج القاضي إليها أو إلى باب المسجد أو يبعث من يفصل بينها وبين خصمها كما إذا كانت الخصومة في الدابة. ولو جلس في داره لا بأس به ويأذن للناس بالدخول فيها، ويجلس معه من كان يجلس قبل ذلك لأن في جلوسه وحده تهمة.
قال:"ولا يقبل هدية إلا من ذي رحم محرم أو ممن جرت عادته قبل القضاء بمهاداته" لأن الأول صلة الرحم والثاني ليس للقضاء بل جرى على العادة، وفيما وراء ذلك يصير آكلا بقضائه، حتى لو كانت للقريب خصومة لا يقبل هديته، وكذا إذا زاد المهدي على المعتاد أو كانت له خصومة لأنه لأجل القضاء فيتحاماه. ولا يحضر دعوة إلا أن تكون عامة لأن الخاصة لأجل القضاء فيتهم بالإجابة، بخلاف العامة، ويدخل في هذا الجواب قريبه وهو قولهما. وعن محمد رحمه الله أنه يجيبه وإن كانت خاصة كالهدية، والخاصة ما لو علم المضيف أن القاضي لا يحضرها لا يتخذها.
قال:"ويشهد الجنازة ويعود المريض" لأن ذلك من حقوق المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام:"للمسلم على المسلم ستة حقوق" وعد منها هذين. "ولا يضيف أحد الخصمين دون خصمه" لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، ولأن فيه تهمة.
قال:"وإذا حضرا سوى بينهما في الجلوس والإقبال" لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا ابتلي أحدكم بالقضاء فليسو بينهم في المجلس والإشارة والنظر""ولا يسار أحدهما ولا يشير إليه ولا يلقنه حجة" للتهمة ولأن فيه مكسرة لقلب الآخر فيترك حقه "ولا يضحك في وجه أحدهما" لأنه يجترئ على خصمه "ولا يمازحهم ولا واحدا منهم" لأنه يذهب بمهابة القضاء.