رحمهما الله، لأن علم ما في الكتاب والختم بحضرتهم شرط، وكذا حفظ ما في الكتاب عندهما ولهذا يدفع إليهم كتاب آخر غير مختوم ليكون معهم معاونة على حفظهم. وقال أبو يوسف رحمه الله آخرا: شيء من ذلك ليس بشرط، والشرط أن يشهدهم أن هذا كتابه وختمه وعن أبي يوسف أن الختم ليس بشرط أيضا فسهل في ذلك لما ابتلي بالقضاء وليس الخبر كالمعاينة. واختار شمس الأئمة السرخسي رحمه الله قول أبي يوسف رحمه الله.
قال:"وإذا وصل إلى القاضي لم يقبله إلا بحضرة الخصم" لأنه بمنزلة أداء الشهادة فلا بد من حضوره، بخلاف سماع القاضي الكاتب لأنه للنقل لا للحكم.
قال:"فإذا سلمه الشهود إليه نظر إلى ختمه، فإذا شهدوا أنه كتاب فلان القاضي سلمه إلينا في مجلس حكمه وقرأه علينا وختمه فتحه القاضي وقرأه على الخصم وألزمه ما فيه" وهذا عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: إذا شهدوا أنه كتابه وخاتمه قبله على ما مر، ولم يشترط في الكتاب ظهور العدالة للفتح، والصحيح أنه يفض الكتاب بعد ثبوت العدالة، كذا ذكره الخصاف رحمه الله لأنه ربما يحتاج إلى زيادة الشهود وإنما يمكنهم أداء الشهادة بعد قيام الختم، وإنما يقبله المكتوب إليه إذا كان الكاتب على القضاء، حتى لو مات أو عزل أو لم يبق أهلا للقضاء قبل وصول الكتاب لا يقبله لأنه التحق بواحد من الرعايا، ولهذا لا يقبل إخباره قاضيا آخر في غير عمله أو في غير عملهما، وكذا لو مات المكتوب إليه إلا إذا كتب إلى فلان بن فلان قاضي بلدة كذا وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين لأن غيره صار تبعا له وهو معرف، بخلاف ما إذا كتب ابتداء إلى كل من يصل إليه على ما عليه مشايخنا رحمهم الله لأنه غير معرف، ولو كان مات الخصم ينفذ الكتاب على وارثه لقيامه مقامه. "ولا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الحدود والقصاص" لأن فيه شبهة البدلية فصار كالشهادة على الشهادة، ولأن مبناهما على الإسقاط وفي قبوله سعي في إثباتهما.