ولا ينقب فيه كوة عند أبي حنيفة رحمه الله" معناه بغير رضا صاحب العلو "وقالا: يصنع ما لا يضر بالعلو" وعلى هذا الخلاف إذا أراد صاحب العلو أن يبني على علوه. قيل ما حكي عنهما تفسير لقول أبي حنيفة رحمه الله فلا خلاف. وقيل الأصل عندهما الإباحة لأنه تصرف في ملكه والملك يقتضي الإطلاق والحرمة بعارض الضرر فإذا أشكل لم يجز المنع والأصل عنده الحظر لأنه تصرف في محل تعلق به حق محترم للغير كحق المرتهن والمستأجر والإطلاق بعارض فإذا أشكل لا يزول المنع على أنه لا يعرى عن نوع ضرر بالعلو من توهين بناء أو نقضه فيمنع عنه.
قال: "وإذا كانت زائغة مستطيلة تنشعب منها زائعة مستطيلة وهي غير نافذة فليس لأهل الزائغة الأولى أن يفتحوا بابا في الزائغة القصوى" لأن فتحه للمرور ولا حق لهم في المرور إذ هو لأهلها خصوصا حتى لا يكون لأهل الأولى فيما بيع فيها حق الشفعة، بخلاف النافذة لأن المرور فيها حق العامة. قيل المنع من المرور لا من فتح الباب لأنه رفع بعض جداره. والأصح أن المنع من الفتح لأن بعد الفتح لا يمكنه المنع من المرور في كل ساعة. ولأنه عساه يدعي الحق في القصوى بتركيب الباب "وإن كانت مستديرة قد لزق طرفاها فلهم أن يفتحوا" بابا لأن لكل واحد منهم حق المرور في كلها إذ هي ساحة مشتركة ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها.
قال: "ومن ادعى في دار دعوى وأنكرها الذي هي في يده ثم صالحه منها فهو جائز وهي مسألة الصلح على الإنكار" وسنذكرها في الصلح إن شاء الله تعالى، والمدعي وإن كان مجهولا فالصلح على معلوم عن مجهول جائز عندنا لأنه جهالة في الساقط فلا تفضي إلى المنازعة على ما عرف.
قال: "ومن ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له في وقت كذا فسئل البينة فقال جحدني الهبة فاشتريتها منه وأقام المدعي البينة على الشراء قبل الوقت الذي يدعي فيه الهبة لا تقبل بينته" لظهور التناقض إذ هو يدعي الشراء بعد الهبة وهم يشهدون به قبلها، ولو شهدوا به بعدها تقبل لوضوح التوفيق، ولو كان ادعى الهبة ثم أقام البينة على الشراء قبلها ولم يقل جحدني الهبة فاشتريتها لم تقبل أيضا ذكره في بعض النسخ لأن دعوى الهبة إقرار منه بالملك للواهب عندها، ودعوى الشراء رجوع عنه فعد مناقضا، بخلاف ما إذا ادعى الشراء بعد الهبة لأنه تقرر ملكه عندها.
"ومن قال لآخر: اشتريت مني هذه الجارية فأنكر الآخر إن أجمع البائع على ترك