للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قمطره فهو تحت ختمه يؤمن عليه من الزيادة والنقصان فحصل له العلم بذلك ولا كذلك الشهادة في الصك لأنه في يد غيره، وعلى هذا إذا تذكر المجلس الذي كان فيه الشهادة أو أخبره قوم ممن يثق به أنا شهدنا نحن وأنت.

قال: "ولا يجوز للشاهد أن يشهد بشيء لم يعاينه إلا النسب والموت والنكاح والدخول وولاية القاضي فإنه يسعه أن يشهد بهذه الأشياء إذا أخبره بها من يثق به" وهذا استحسان. والقياس أن لا تجوز لأن الشهادة مشتقة من المشاهدة وذلك بالعلم ولم يحصل فصار كالبيع. وجه الاستحسان أن هذه أمور تختص بمعاينة أسبابها خواص من الناس، ويتعلق بها أحكام تبقى على انقضاء القرون، فلو لم تقبل فيها الشهادة بالتسامع أدى إلى الحرج وتعطيل الأحكام، بخلاف البيع لأنه يسمعه كل أحد، وإنما يجوز للشاهد أن يشهد بالاشتهار وذلك بالتواتر أو بإخبار من يثق به كما قال في الكتاب. ويشترط أن يخبره رجلان عدلان أو رجل وامرأتان ليحصل له نوع علم. وقيل في الموت يكتفي بإخبار واحد أو واحدة لأنه قلما يشاهد غير الواحد إذ الإنسان يهابه ويكرهه فيكون في اشتراط العدد بعض الحرج، ولا كذلك النسب والنكاح، وينبغي أن يطلق أداء الشهادة. أما إذا فسر للقاضي أنه يشهد بالتسامع لم تقبل شهادته كما أن معاينة اليد في الأملاك تطلق الشهادة، ثم إذا فسر لا تقبل كذا هذا. ولو رأى إنسانا جلس مجلس القضاء يدخل عليه الخصوم حل له أن يشهد على كونه قاضيا وكذا إذا رأى رجلا وامرأة يسكنان بيتا وينبسط كل واحد منهما إلى الآخر انبساط الأزواج كما إذا رأى عينا في يد غيره. ومن شهد أنه شهد دفن فلان أو صلى على جنازته فهو معاينة، حتى لو فسر للقاضي قبله ثم قصر الاستثناء في الكتاب على هذه الأشياء الخمسة ينفي اعتبار التسامع في الولاء والوقف. وعن أبي يوسف رحمه الله آخرا أنه يجوز في الولاء لأنه بمنزلة النسب لقوله عليه الصلاة والسلام: "الولاء لحمة كلحمة النسب". وعن محمد رحمه الله أنه يجوز في الوقف لأنه يبقى على مر الأعصار، إلا أنا نقول الولاء يبتنى على زوال الملك ولا بد فيه من المعاينة فكذا فيما يبتنى عليه. وأما الوقف فالصحيح أنه تقبل الشهادة بالتسامع في أصله دون شرائطه، لأن أصله هو الذي يشتهر.

قال: "ومن كان في يده شيء سوى العبد والأمة وسعك أن تشهد أنه له" لأن اليد أقصى ما يستدل به على الملك إذ هي مرجع الدلالة في الأسباب كلها فيكتفي بها. وعن أبي يوسف رحمه الله أنه يشترط مع ذلك أن يقع في قلبه أنه له. قالوا: ويحتمل أن يكون هذا تفسيرا لإطلاق محمد رحمه الله في الرواية فيكون شرطا على الاتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>