للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليسيرة تتحمل في الوكالة كجهالة الوصف استحسانا، لأن مبنى التوكيل على التوسعة؛ لأنه استعانة. وفي اعتبار هذا الشرط بعض الحرج وهو مدفوع "ثم إن كان اللفظ يجمع أجناسا أو ما هو في معنى الأجناس لا يصح التوكيل وإن بين الثمن"؛ لأن بذلك الثمن يوجد من كل جنس فلا يدرى مراد الآمر لتفاحش الجهالة "وإن كان جنسا يجمع أنواعا لا يصح إلا ببيان الثمن أو النوع"؛ لأنه بتقدير الثمن يصير النوع معلوما، وبذكر النوع تقل الجهالة فلا تمنع الامتثال.

مثاله: إذا وكله بشراء عبد أو جارية لا يصح؛ لأنه يشمل أنواعا فإن بين النوع كالتركي والحبشي أو الهندي أو السندي أو المولد جاز، وكذا إذا بين الثمن لما ذكرناه، ولو بين النوع أو الثمن ولم يبين الصفة والجودة والرداءة والسطة جاز؛ لأنه جهالة مستدركة، ومراده من الصفة المذكورة في الكتاب النوع.

"وفي الجامع الصغير: ومن قال لآخر اشتر لي ثوبا أو دابة أو دارا فالوكالة باطلة" للجهالة الفاحشة، فإن الدابة في حقيقة اللغة اسم لما يدب على وجه الأرض. وفي العرف يطلق على الخيل والحمار والبغل فقد جمع أجناسا، وكذا الثوب؛ لأنه يتناول الملبوس من الأطلس إلى الكساء ولهذا لا يصح تسميته مهرا وكذا الدار تشمل ما هو في معنى الأجناس؛ لأنها تختلف اختلافا فاحشا باختلاف الأغراض والجيران والمرافق والمحال والبلدان فيتعذر الامتثال.

قال: "وإن سمى ثمن الدار ووصف جنس الدار والثوب جاز" معناه نوعه، وكذا إذا سمى نوع الدابة بأن قال حمارا أو نحوه.

قال: "ومن دفع إلى آخر دراهم وقال اشتر لي بها طعاما فهو على الحنطة ودقيقها" استحسانا. والقياس أن يكون على كل مطعوم اعتبارا للحقيقة كما في اليمين على الأكل إذ الطعام اسم لما يطعم. وجه الاستحسان أن العرف أملك وهو على ما ذكرناه إذا ذكر مقرونا بالبيع والشراء ولا عرف في الأكل فبقي على الوضع، وقيل إن كثرت الدراهم فعلى الحنطة، وإن قلت فعلى الخبز، وإن كان فيما بين ذلك فعلى الدقيق. قال: "وإذا اشترى الوكيل وقبض ثم اطلع على عيب فله أن يرده بالعيب ما دام المبيع في يده"؛ لأنه من حقوق العقد وهي كلها إليه "فإن سلمه إلى الموكل لم يرده إلا بإذنه"؛ لأنه انتهى حكم الوكالة، ولأن فيه إبطال يده الحقيقية فلا يتمكن منه إلا بإذنه، ولهذا كان خصما لمن يدعي في المشتري دعوى كالشفيع وغيره قبل التسليم إلى الموكل لا بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>