للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفسخ، ولا كذلك بعد هلاكها لارتفاع العقد فلم يكن في معناه ولأنه لا يبالي بالاختلاف في السبب بعد حصول المقصود، وإنما يراعى من الفائدة ما يوجبه العقد، وفائدة دفع زيادة الثمن ليست من موجباته وهذا إذا كان الثمن دينا، فإن كان عينا يتحالفان لأن المبيع في أحد الجانبين قائم فتوفر فائدة الفسخ ثم يرد مثل الهالك إن كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل.

قال: "وإن هلك أحد العبدين ثم اختلفا في الثمن لم يتحالفا عند أبي حنيفة إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك من الثمن. وفي الجامع الصغير: القول قول المشتري مع يمينه عند أبي حنيفة إلا أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي ولا شيء له. وقال أبو يوسف: يتحالفان في الحي ويفسخ العقد في الحي، والقول قول المشتري في قيمة الهالك. وقال محمد: يتحالفان عليهما ويرد الحي وقيمة الهالك" لأن هلاك كل السلعة لا يمنع التحالف عنده فهلاك البعض أولى. ولأبي يوسف أن امتناع التحالف للهلاك فيتقدر بقدره. ولأبي حنيفة أن التحالف على خلاف القياس في حال قيام السلعة وهي اسم لجميع أجزائها فلا تبقى السلعة بفوات بعضها، ولأنه لا يمكن التحالف في القائم إلا على اعتبار حصته من الثمن فلا بد من القسمة وهي تعرف بالحذر والظن فيؤدي إلى التحالف مع الجهل وذلك لا يجوز إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك أصلا لأنه حينئذ يكون الثمن كله بمقابلة القائم ويخرج الهالك عن العقد فيتحالفان. هذا تخريج بعض المشايخ ويصرف الاستثناء عندهم إلى التحالف كما ذكرنا وقالوا: إن المراد من قوله في الجامع الصغير يأخذ الحي ولا شيء له، معناه: لا يأخذ من ثمن الهالك شيئا أصلا. وقال بعض المشايخ: يأخذ من ثمن الهالك بقدر ما أقر به المشتري، وإنما لا يأخذ الزيادة. وعلى قول هؤلاء ينصرف الاستثناء إلى يمين المشتري لا إلى التحالف، لأنه لما أخذ البائع بقول المشتري فقد صدقه فلا يحلف المشتري، ثم تفسير التحالف على قول محمد ما بيناه في القائم. وإذا حلفا ولم يتفقا على شيء فادعى أحدهما الفسخ أو كلاهما يفسخ العقد بينهما ويأمر القاضي المشتري برد الباقي وقيمة الهالك.

واختلفوا في تفسيره على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى، والصحيح أنه يحلف المشتري بالله ما اشتريتهما بما يدعيه البائع، فإن نكل لزمه دعوى البائع، وإن حلف يحلف البائع بالله ما بعتهما بالثمن الذي يدعيه المشتري، فإن نكل لزمه دعوى المشتري، وإن حلف يفسخان

<<  <  ج: ص:  >  >>