للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا إذا كانت الدار في أيديهما ولو كانت في يد ثالث، المسألة بحالها فهما سواء عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف: الذي وقت أولى. وقال محمد: الذي أطلق أولى لأنه ادعى أولية الملك بدليل استحقاق الزوائد ورجوع الباعة بعضهم على البعض. ولأبي يوسف أن التاريخ يوجب الملك في ذلك الوقت بيقين. والإطلاق يحتمل غير الأولية، والترجيح بالتيقن؛ كما لو ادعيا الشراء. ولأبي حنيفة أن التاريخ يضامه احتمال عدم التقدم فسقط اعتباره فصار كما لو أقاما البينة على ملك مطلق، بخلاف الشراء لأنه أمر حادث فيضاف إلى أقرب الأوقات فيترجح جانب صاحب التاريخ.

قال: "وإن أقام الخارج وصاحب اليد كل واحد منهما بينة على النتاج فصاحب اليد أولى" لأن البينة قامت على ما لا تدل عليه فاستويا، وترجحت بينة ذي اليد باليد فيقضي له وهذا هو الصحيح خلافا لما يقوله عيسى بن أبان إنه تتهاتر البينتان ويترك في يده لا على طريق القضاء, ولو تلقى كل واحد منهما الملك من رجل أقام البينة على النتاج عنده فهو بمنزلة إقامتها على النتاج في يد نفسه "ولو أقام أحدهما البينة على الملك والآخر على النتاج فصاحب النتاج أولى أيهما كان" لأن بينته قامت على أولية الملك فلا يثبت للآخر إلا بالتلقي من جهته، وكذلك إذا كانت الدعوى بين خارجين فبينة النتاج أولى لما ذكرنا "ولو قضى بالنتاج لصاحب اليد ثم أقام ثالث البينة على النتاج يقضي له إلا أن يعيدها ذو اليد" لأن الثالث لم يصر مقضيا عليه بتلك القضية، وكذا المقضي عليه بالملك المطلق إذا أقام البينة على النتاج تقبل وينقض القضاء لأنه بمنزلة النص والأول بمنزلة الاجتهاد.

قال: "وكذلك النسج في الثياب التي لا تنسج إلا مرة" كغزل القطن "وكذلك كل سبب في الملك لا يتكرر" لأنه في معنى النتاج كحلب اللبن واتخاذ الجبن واللبد والمرعزى وجز الصوف، وإن كان يتكرر قضي به للخارج بمنزلة الملك المطلق وهو مثل الخز والبناء والغرس وزراعة الحنطة والحبوب، فإن أشكل يرجع إلى أهل الخبرة لأنهم أعرف به، فإن أشكل عليهم قضي به للخارج لأن القضاء ببينته هو الأصل والعدول عنه بخبر النتاج، فإذا لم يعلم يرجع إلى الأصل.

قال: "وإن أقام الخارج البينة على الملك المطلق وصاحب اليد البينة على الشراء منه كان صاحب اليد أولى" لأن الأول إن كان يدعي أولية الملك فهذا تلقى منه، وفي هذا لا تنافي فصار كما إذا أقر بالملك له ثم ادعى الشراء منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>