ثوب ثم جاء بثوب معيب فالقول له" لأن الغصب لا يختص بالسليم. "ومن قال لآخر: أخذت منك ألف درهم وديعة فهلكت فقال لا بل أخذتها غصبا فهو ضامن، وإن قال أعطيتنيها وديعة فقال لا بل غصبتنيها لم يضمن" والفرق أن في الفصل الأول أقر بسبب الضمان وهو الأخذ ثم ادعى ما يبرئه وهو الإذن والآخر ينكره فيكون القول له مع اليمين. وفي الثاني أضاف الفعل إلى غيره وذاك يدعي عليه سبب الضمان وهو الغصب فكان القول لمنكره مع اليمين والقبض في هذا كالأخذ والدفع كالإعطاء.
فإن قال قائل: إعطاؤه والدفع إليه لا يكون إلا بقبضه.
فنقول: قد يكون بالتخلية والوضع بين يديه، ولو اقتضى ذلك فالمقتضى ثابت ضرورة فلا يظهر في انعقاده سبب الضمان، وهذا بخلاف ما إذا قال: أخذتها منك وديعة وقال الآخر لا بل قرضا حيث يكون القول للمقر وإن أقر بالأخذ لأنهما توافقا هنالك على أن الأخذ كان بالإذن إلا أن المقر له يدعي سبب الضمان وهو القرض والآخر ينكر فافترقا. "وإن قال هذه الألف كانت وديعة لي عند فلان فأخذتها فقال فلان هي لي فإنه يأخذها" لأنه أقر باليد له وادعى استحقاقها عليه وهو ينكر والقول للمنكر. "ولو قال: آجرت دابتي هذه فلانا فركبها وردها، أو قال: آجرت ثوبي هذا فلانا فلبسه ورده وقال فلان كذبت وهما لي فالقول قوله" وهذا عند أبي حنيفة "وقال أبو يوسف ومحمد: القول قول الذي أخذ منه الدابة والثوب" وهو القياس وعلى هذا الخلاف الإعارة والإسكان. "ولو قال خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته وقال فلان الثوب ثوبي فهو على هذا الخلاف في الصحيح" وجه القياس ما بيناه في الوديعة.
وجه الاستحسان وهو الفرق أن اليد في الإجارة والإعارة ضرورية تثبت ضرورة استيفاء المعقود عليه وهو المنافع فيكون عدما فيما وراء الضرورة فلا يكون إقرارا له باليد مطلقا، بخلاف الوديعة لأن اليد فيها مقصودة والإيداع إثبات اليد قصدا فيكون الإقرار به اعترافا باليد للمودع.
ووجه آخر: أن في الإجارة والإعارة والإسكان أقر بيد ثابتة من جهته فيكون القول قوله في كيفيته. ولا كذلك في مسألة الوديعة لأنه قال فيها كانت وديعة، وقد تكون من غير صنعه، حتى لو قال أودعتها كان على هذا الخلاف، وليس مدار الفرق على ذكر الأخذ في طرف الوديعة وعدمه في الطرف الآخر وهو الإجارة وأختاه؛ لأنه ذكر الأخذ في وضع الطرف الآخر في كتاب الإقرار أيضا، وهذا بخلاف ما إذا قال اقتضيت من