يجعل زيادة في مهرها. وجه الثاني أنه بذل لها المال لتترك الدعوى فإن جعل ترك الدعوى منها فرقة فالزوج لا يعطي العوض في الفرقة، وإن لم يجعل فالحال على ما كان عليه قبل الدعوى فلا شيء يقابله العوض فلم يصح. قال:"وإن ادعى على رجل أنه عبده فصالحه على مال أعطاه جاز وكان في حق المدعي بمنزلة الإعتاق على مال" لأنه أمكن تصحيحه على هذا الوجه في حقه لزعمه ولهذا يصح على حيوان في الذمة إلى أجل وفي حق المدعى عليه يكون لدفع الخصومة؛ لأنه يزعم أنه حر فجاز إلا أنه لا ولاء له لإنكار العبد إلا أن يقيم البينة فتقبل ويثبت الولاء.
قال:"وإذا قتل العبد المأذون له رجلا عمدا لم يجز له أن يصالح عن نفسه، وإن قتل عبد له رجلا عمدا فصالحه جاز" ووجه الفرق أن رقبته ليست من تجارته ولهذا لا يملك التصرف فيه بيعا فكذا استخلاصا بمال المولى وصار كالأجنبي، أما عبده فمن تجارته وتصرفه فيه نافذ بيعا فكذا استخلاصا، وهذا لأن المستحق كالزائل عن ملكه وهذا شراؤه فيملكه.
قال:"ومن غصب ثوبا يهوديا قيمته دون المائة فاستهلكه فصالحه منها على مائة درهم جاز عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: يبطل الفضل على قيمته بما لا يتغابن الناس فيه" لأن الواجب هي القيمة وهي مقدرة فالزيادة عليها تكون ربا، بخلاف ما إذا صالح على عرض لأن الزيادة لا تظهر عند اختلاف الجنس، وبخلاف ما يتغابن الناس فيه لأنه يدخل تحت تقويم المقومين فلا تظهر الزيادة. ولأبي حنيفة أن حقه في الهالك باق حتى لو كان عبدا وترك أخذ القيمة يكون الكفن عليه أو حقه في مثله صورة ومعنى، لأن ضمان العدوان بالمثل، وإنما ينتقل إلى القيمة بالقضاء فقبله إذا تراضيا على الأكثر كان اعتياضا فلا يكون ربا، بخلاف الصلح بعد القضاء لأن الحق قد انتقل إلى القيمة.
قال:"وإذا كان العبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر فصالحه الآخر على أكثر من نصف قيمته فالفضل باطل" وهذا بالاتفاق، وأما عندهما فلما بينا. والفرق لأبي حنيفة رحمه الله أن القيمة في العتق منصوص عليها وتقدير الشرع لا يكون دون تقدير القاضي فلا يجوز الزيادة عليه، وبخلاف ما تقدم لأنها غير منصوص عليها "وإن صالحه على عروض جاز" لما بينا أنه لا يظهر الفضل، والله أعلم بالصواب.