والمال لازم للموكل" وتأويل هذه المسألة إذا كان الصلح عن دم العمد أو كان الصلح عن بعض ما يدعيه من الدين لأنه إسقاط محض فكان الوكيل فيه سفيرا ومعبرا فلا ضمان عليه كالوكيل بالنكاح إلا أن يضمنه لأنه حينئذ هو مؤاخذ بعقد الضمان لا بعقد الصلح، أما إذا كان الصلح عن مال بمال فهو بمنزلة البيع فترجع الحقوق إلى الوكيل فيكون المطالب بالمال هو الوكيل دون الموكل.
قال: "وإن صالح رجل عنه بغير أمره فهو على أربعة أوجه: إن صالح بمال وضمنه تم الصلح" لأن الحاصل للمدعى عليه ليس إلا البراءة وفي حقها هو والأجنبي سواء فصلح أصيلا فيه إذا ضمنه، كالفضولي بالخلع إذا ضمن البدل ويكون متبرعا على المدعى عليه كما لو تبرع بقضاء الدين بخلاف ما إذا كان بأمره ولا يكون لهذا المصالح شيء من المدعى، وإنما ذلك للذي في يده لأن تصحيحه بطريق الإسقاط، ولا فرق في هذا بين ما إذا كان مقرا أو منكرا "وكذلك إن قال صالحتك على ألفي هذه أو على عبدي هذا صح الصلح ولزمه تسليمها" لأنه لما أضافه إلى مال نفسه فقد التزم تسليمه فصح الصلح "وكذلك لو قال علي ألف وسلمها" لأن التسليم إليه يوجب سلامة العوض له فيتم العقد لحصول مقصوده "ولو قال صالحتك على ألف فالعقد موقوف، فإن أجازه المدعى عليه جاز ولزمه الألف، وإن لم يجزه بطل" لأن الأصل في العقد إنما هو المدعى عليه لأن دفع الخصومة حاصل له، إلا أن الفضولي يصير أصيلا بواسطة إضافة الضمان إلى نفسه، فإذا لم يضفه بقي عاقدا من جهة المطلوب فيتوقف على إجازته.
قال رضي الله عنه: ووجه آخر وهو أن يقول صالحتك على هذه الألف أو على هذا العبد ولم ينسبه إلى نفسه لأنه لما عينه للتسليم صار شارطا سلامته له فيتم بقوله. ولو استحق العبد أو وجد به عيبا فرده فلا سبيل له على المصالح لأنه التزم الإيفاء من محل بعينه ولم يلتزم شيئا سواه، فإن سلم المحل له تم الصلح، وإن لم يسلم له لم يرجع عليه بشيء. بخلاف ما إذا صالح على دراهم مسماة وضمنها ودفعها ثم استحقت أو وجدها زيوفا حيث يرجع عليه لأنه جعل نفسه أصيلا في حق الضمان ولهذا يجبر على التسليم، فإذا لم يسلم له ما سلمه يرجع عليه ببدله، والله أعلم بالصواب.