للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالك فيضمن الدافع ولا يضمن القابض لأن مودع المودع عنده لا يضمن، وهذا بخلاف ما لا يقسم لأنه لما أودعهما ولا يمكنهما الاجتماع عليه آناء الليل والنهار وأمكنهما المهايأة كان المالك راضيا بدفع الكل إلى أحدهما في بعض الأحوال.

قال: "وإذا قال صاحب الوديعة للمودع لا تسلمه إلى زوجتك فسلمها إليها لا يضمن. وفي الجامع الصغير: إذا نهاه أن يدفعها إلى أحد من عياله فدفعها إلى من لا بد له منه لا يضمن" كما إذا كانت الوديعة دابة فنهاه عن الدفع إلى غلامه، وكما إذا كانت شيئا يحفظ في يد النساء فنهاه عن الدفع إلى امرأته وهو محمل الأول لأنه لا يمكن إقامة العمل مع مراعاة هذا الشرط، وإن كان مفيدا فيلغو "وإن كان له منه بد ضمن" لأن الشرط مفيد لأن من العيال من لا يؤتمن على المال وقد أمكن العمل به مع مراعاة هذا الشرط فاعتبر "وإن قال احفظها في هذا البيت فحفظها في بيت آخر من الدار لم يضمن" لأن الشرط غير مفيد، فإن البيتين في دار واحدة لا يتفاوتان في الحرز "وإن حفظها في دار أخرى ضمن" لأن الدارين يتفاوتان في الحرز فكان مفيدا فيصح التقييد، ولو كان التفاوت بين البيتين ظاهرا بأن كانت الدار التي فيها البيتان عظيمة والبيت الذي نهاه عن الحفظ فيه عورة ظاهرة صح الشرط.

قال: "ومن أودع رجلا وديعة فأودعها آخر فهلكت فله أن يضمن الأول وليس له أن يضمن الثاني، وهذا عند أبي حنيفة، وقالا: له أن يضمن أيهما شاء، فإن ضمن الآخر رجع على الأول" لهما أنه قبض المال من يد ضمين فيضمنه كمودع الغاصب، وهذا لأن المالك لم يرض بأمانة غيره، فيكون الأول متعديا بالتسليم والثاني بالقبض فيخير بينهما، غير أنه إن ضمن الأول لم يرجع على الثاني لأنه ملكه بالضمان فظهر أنه أودع ملك نفسه، وإن ضمن الثاني رجع على الأول لأنه عامل له فيرجع عليه بما لحقه من العهدة، وله أنه قبض المال من يد أمين لأنه بالدفع لا يضمن ما لم يفارقه لحضور رأيه فلا تعدي منهما فإذا فارقه فقد ترك الحفظ الملتزم فيضمنه بذلك، وأما الثاني فمستمر على الحالة الأولى ولم يوجد منه صنع فلا يضمنه كالريح إذا ألقت في حجره ثوب غيره.

قال: "ومن كان في يده ألف فادعاه رجلان كل واحد منهما أنها له أودعها إياه وأبى أن يحلف لهما فالألف بينهما وعليه ألف أخرى بينهما" وشرح ذلك أن دعوى كل واحد صحيحة لاحتمالها الصدق فيستحق الحلف على المنكر بالحديث ويحلف لكل واحد منهما على الانفراد لتغاير الحقين، وبأيهما بدأ القاضي جاز لتعذر الجمع بينهما وعدم الأولوية. ولو تشاحا أقرع بينهما تطييبا لقلبهما ونفيا لتهمة الميل، ثم إن حلف لأحدهما يحلف

<<  <  ج: ص:  >  >>