فصار كما إذا انتقل في حال حياته، وإذا مات الواهب فوارثه أجنبي عن العقد إذ هو ما أوجبه.
قال:"أو تخرج الهبة عن ملك الموهوب له"؛ لأنه حصل بتسليطه فلا ينقضه، ولأنه تجدد الملك بتجدد سببه.
قال:"فإن وهب لآخر أرضا بيضاء فأنبت في ناحية منها نخلا أو بنى بيتا أو دكانا أو آريا وكان ذلك زيادة فيها فليس له أن يرجع في شيء منها"؛ لأن هذه زيادة متصلة. وقوله وكان ذلك زيادة فيها؛ لأن الدكان قد يكون صغيرا حقيرا لا يعد زيادة أصلا، وقد تكون الأرض عظيمة يعد ذلك زيادة في قطعة منها فلا يمتنع الرجوع في غيرها.
قال:"فإن باع نصفها غير مقسوم رجع في الباقي"؛ لأن الامتناع بقدر المانع "وإن لم يبع شيئا منها له أن يرجع في نصفها"؛ لأن له أن يرجع في كلها فكذا في نصفها بالطريق الأولى.
قال:"وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها" لقوله عليه الصلاة والسلام: "إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها"؛ ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل "وكذلك ما وهب أحد الزوجين للآخر"؛ لأن المقصود فيها الصلة كما في القرابة، وإنما ينظر إلى هذا المقصود وقت العقد، حتى لو تزوجها بعدما وهب لها فله الرجوع، ولو أبانها بعدما وهب فلا رجوع.
قال:"وإذا قال الموهوب له للواهب خذ هذا عوضا عن هبتك أو بدلا عنها أو في مقابلتها فقبضه الواهب سقط الرجوع" لحصول المقصود، وهذه العبارات تؤدي معنى واحدا "وإن عوضه أجنبي عن الموهوب له متبرعا فقبض الواهب العوض بطل الرجوع"؛ لأن العوض لإسقاط الحق فيصح من الأجنبي كبدل الخلع والصلح.
قال:"وإذا استحق نصف الهبة رجع بنصف العوض"؛ لأنه لم يسلم له ما يقابل نصفه "وإن استحق نصف العوض لم يرجع في الهبة إلا أن يرد ما بقي ثم يرجع" وقال زفر: يرجع بالنصف اعتبارا بالعوض الآخر. ولنا أنه يصلح عوضا للكل من الابتداء، وبالاستحقاق ظهر أنه لا عوض إلا هو، إلا أنه يتخير؛ لأنه ما أسقط حقه في الرجوع إلا ليسلم له كل العوض ولم يسلم فله أن يرده.
قال:"وإن وهب دارا فعوضه من نصفها رجع الواهب في النصف الذي لم يعوض"؛ لأن المانع خص النصف.