قال:"ويجوز أخذ أجرة الحمام والحجام" أما الحمام فلتعارف الناس ولم تعتبر الجهالة لإجماع المسلمين. قال عليه الصلاة والسلام:"ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن" وأما الحجام فلما روي "أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام الأجرة" ولأنه استئجار على عمل معلوم بأجر معلوم فيقع جائزا.
قال:"ولا يجوز أخذ أجرة عسب التيس" وهو أن يؤجر فحلا لينزو على الإناث لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن من السحت عسب التيس" والمراد أخذ الأجرة عليه.
قال:"ولا الاستئجار على الأذان والحج، وكذا الإمامة وتعليم القرآن والفقه" والأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليه عندنا. وعند الشافعي رحمه الله يصح في كل ما لا يتعين على الأجير؛ لأنه استئجار على عمل معلوم غير متعين عليه فيجوز. ولنا قوله عليه الصلاة والسلام:"اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به" وفي آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن أبي العاص: "وإن اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الأذان أجرا" ولأن القربة متى حصلت وقعت عن العامل ولهذا تعتبر أهليته فلا يجوز له أخذ الأجر من غيره كما في الصوم والصلاة، ولأن التعليم مما لا يقدر المعلم عليه إلا بمعنى من قبل المتعلم فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يصح. وبعض مشايخنا استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم؛ لأنه ظهر التواني في الأمور الدينية. ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن وعليه الفتوى.
قال:"ولا يجوز الاستئجار على الغناء والنوح، وكذا سائر الملاهي"؛ لأنه استئجار على المعصية والمعصية لا تستحق بالعقد.
قال:"ولا يجوز إجارة المشاع عند أبي حنيفة إلا من الشريك، وقالا: إجارة المشاع جائزة" وصورته أن يؤاجر نصيبا من داره أو نصيبه من دار مشتركة من غير الشريك. لهما أن للمشاع منفعة ولهذا يجب أجر المثل، والتسليم ممكن بالتخلية أو بالتهايؤ فصار كما إذا آجر من شريكه أو من رجلين وصار كالبيع. ولأبي حنيفة أنه آجر ما لا يقدر على تسليمه فلا يجوز، وهذا؛ لأن تسليم المشاع وحده لا يتصور، والتخلية اعتبرت تسليما لوقوعه تمكينا وهو الفعل الذي يحصل به التمكن ولا تمكن في المشاع، بخلاف البيع لحصول التمكن فيه، وأما التهايؤ فإنما يستحق حكما للعقد بواسطة الملك، وحكم العقد يعقبه والقدرة على التسليم شرط العقد وشرط الشيء يسبقه، ولا يعتبر المتراخي سابقا، وبخلاف ما إذا آجر من شريكه فالكل يحدث على ملكه فلا شيوع، والاختلاف في