للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلزام ضرر زائد لم يستحق بالعقد "وكذا من استأجر دكانا في السوق ليتجر فيه فذهب ماله، وكذا من أجر دكانا أو دارا ثم أفلس، ولزمته ديون لا يقدر على قضائها إلا بثمن ما أجر فسخ القاضي العقد وباعها في الديون"؛ لأن في الجري على موجب العقد إلزام ضرر زائد لم يستحق بالعقد وهو الحبس؛ لأنه قد لا يصدق على عدم مال آخر. ثم قوله فسخ القاضي العقد إشارة إلى أنه يفتقر إلى قضاء القاضي في النقض، وهكذا ذكر في الزيادات في عذر الدين، وقال في الجامع الصغير: وكل ما ذكرنا أنه عذر فإن الإجارة فيه تنتقض، وهذا يدل على أنه لا يحتاج فيه إلى قضاء القاضي. ووجهه أن هذا بمنزلة العيب قبل القبض في المبيع على ما مر فينفرد العاقد بالفسخ. ووجه الأول أنه فصل مجتهد فيه فلا بد من إلزام القاضي، ومنهم من وفق فقال: إذا كان العذر ظاهرا لا يحتاج إلى القضاء لظهور العذر، وإن كان غير ظاهر كالدين يحتاج إلى القضاء لظهور العذر.

"ومن استأجر دابة ليسافر عليها ثم بدا له من السفر فهو عذر"؛ لأنه لو مضى على موجب العقد يلزمه ضرر زائد؛ لأنه ربما يذهب للحج فذهب وقته أو لطلب غريمه فحضر أو للتجارة فافتقر "وإن بدا للمكاري فليس ذلك بعذر"؛ لأنه يمكنه أن يقعد ويبعث الدواب على يد تلميذه أو أجيره "ولو مرض المؤاجر فقعد فكذا الجواب" على رواية الأصل. وروى الكرخي عن أبي حنيفة أنه عذر؛ لأنه لا يعرى عن ضرر فيدفع عنه عند الضرورة دون الاختيار "ومن آجر عبده ثم باعه فليس بعذر"؛ لأنه لا يلزمه الضرر بالمضي على موجب عقد، وإنما يفوته الاسترباح وأنه أمر زائد.

قال: "وإذا استأجر الخياط غلاما فأفلس وترك العمل فهو العذر"؛ لأنه يلزمه الضرر بالمضي على موجب العقد لفوات مقصوده وهو رأس ماله، وتأويل المسألة خياط يعمل لنفسه، أما الذي يخيط بأجر فرأس ماله الخيط والمخيط والمقراض فلا يتحقق الإفلاس فيه. "وإن أراد ترك الخياطة، وأن يعمل في الصرف فليس بعذر"؛ لأنه يمكنه أن يقعد الغلام للخياطة في ناحية، وهو يعمل في الصرف في ناحية، وهذا بخلاف ما إذا استأجر دكانا للخياطة فأراد أن يتركها ويشتغل بعمل آخر حيث جعله عذرا ذكره في الأصل؛ لأن الواحد لا يمكنه الجمع بين العملين، أما هاهنا العامل شخصان فأمكنهما.

"ومن استأجر غلاما يخدمه في المصر ثم سافر فهو عذر"؛ لأنه لا يعرى عن إلزام ضرر زائد؛ لأن خدمة السفر أشق، وفي المنع من السفر ضرر، وكل ذلك لم يستحق بالعقد فيكون عذرا "وكذا إذا أطلق" لما مر أنه يتقيد بالحضر، بخلاف ما إذا آجر عقارا ثم سافر؛ لأنه لا ضرر إذ المستأجر يمكنه استيفاء المنفعة من المعقود عليه بعد غيبته، حتى لو أراد

<<  <  ج: ص:  >  >>