أيضا لأنه هو البدل معنى. وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه إنما يعتق بأداء عين الخمر إذا قال إن أديتها فأنت حر لأنه حينئذ يكون العتق بالشرط لا بعقد الكتابة، وصار كما إذا كاتب على ميتة أو دم ولا فصل في ظاهر الرواية. ووجه الفرق بينهما وبين الميتة أن الخمر والخنزير مال في الجملة فأمكن اعتبار معنى العقد فيه، وموجبه العتق عند أداء العوض المشروط. وأما الميتة فليست بمال أصلا فلا يمكن اعتبار معنى العقد فيه فاعتبر فيه معنى الشرط وذلك بالتنصيص عليه "وإذا عتق بأداء عين الخمر لزمه أن يسعى في قيمته" لأنه وجب عليه رد رقبته لفساد العقد وقد تعذر بالعتق فيجب رد قيمته كما في البيع الفاسد إذا تلف المبيع.
قال:"ولا ينقص عن المسمى ويزاد عليه" لأنه عقد فاسد فتجب القيمة عند هلاك المبدل بالغة ما بلغت كما في البيع الفاسد، وهذا لأن المولى ما رضي بالنقصان والعبد رضي بالزيادة كي لا يبطل حقه في العتق أصلا فتجب قيمته بالغة ما بلغت، وفيما إذا كاتبه على قيمته يعتق بأداء القيمة لأنه هو البدل. وأمكن اعتبار معنى العقد فيه وأثر الجهالة في الفساد، بخلاف ما إذا كاتبه على ثوب حيث لا يعتق بأداء ثوب لأنه لا يوقف فيه على مراد العاقد لاختلاف أجناس الثوب فلا يثبت العتق بدون إرادته.
قال:"وكذلك إن كاتبه على شيء بعينه لغيره لم يجز" لأنه لا يقدر على تسليمه. ومراده شيء يتعين بالتعيين، حتى لو قال كاتبتك على هذه الألف الدراهم وهي لغيره جاز لأنها لا تتعين في المعاوضات فيتعلق بدراهم دين في الذمة فيجوز. وعن أبي حنيفة رضي الله عنه في رواية الحسن أنه يجوز، حتى إذا ملكه وسلمه يعتق، وإن عجز يرد في الرق لأن المسمى مال والقدرة على التسليم موهوم فأشبه الصداق. قلنا: إن العين في المعاوضات معقود عليه والقدرة على المعقود عليه شرط للصحة إذا كان العقد يحتمل الفسخ كما في البيع، بخلاف الصداق في النكاح لأن القدرة على ما هو المقصود بالنكاح ليس بشرط، فعلى ما هو تابع فيه أولى. فلو أجاز صاحب العين ذلك فعن محمد أنه يجوز لأنه يجوز البيع عند الإجازة فالكتابة أولى. وعن أبي حنيفة أنه لا يجوز اعتبارا بحال عدم الإجازة على ما قال في الكتاب، والجامع أنه لا يفيد ملك المكاسب وهو المقصود لأنها تثبت للحاجة إلى الأداء منها ولا حاجة فيما إذا كان البدل عينا معينا، والمسألة فيه على ما بيناه. وعن أبي يوسف أنه يجوز أجاز ذلك أو لم يجز، غير أنه عند الإجازة يجب تسليم عينه، وعند عدمها يجب تسليم قيمته كما في النكاح، والجامع بينهما صحة التسمية لكونه مالا، ولو ملك المكاتب ذلك العين، فعن أبي حنيفة رواه أبو يوسف أنه إذا أداه لا يعتق، وعلى هذه الرواية لم ينعقد