قال:"وإذا أبق العبد صار محجورا عليه" وقال الشافعي: يبقى مأذونا؛ لأن الإباق لا ينافي ابتداء الإذن، فكذا لا ينافي البقاء وصار كالغصب. ولنا أن الإباق حجر دلالة؛ لأنه إنما يرضى بكونه مأذونا على وجه يتمكن من تقضية دينه بكسبه، بخلاف ابتداء الإذن؛ لأن الدلالة لا معتبر بها عند وجود التصريح بخلافها، وبخلاف الغصب؛ لأن الانتزاع من يد الغاصب متيسر.
قال:"وإذا ولدت المأذون لها من مولاها" فذلك حجر عليها خلافا لزفر، وهو يعتبر حالة البقاء بالابتداء. ولنا أن الظاهر أنه يحصنها بعد الولادة فيكون دلالة الحجر عادة، بخلاف الابتداء؛ لأن الصريح قاض على الدلالة. "ويضمن المولى قيمتها إن ركبتها ديون" لإتلافه محلا تعلق به حق الغرماء، إذ به يمتنع البيع وبه يقضى حقهم.
قال:"وإذا استدانت الأمة المأذون لها أكثر من قيمتها فدبرها المولى فهي مأذون لها على حالها" لانعدام دلالة الحجر، إذ العادة ما جرت بتحصين المدبرة، ولا منافاة بين حكميها أيضا، والمولى ضامن لقيمتها لما قررناه في أم الولد.
قال:"وإذا حجر على المأذون له فإقراره جائز فيما في يده من المال عند أبي حنيفة" ومعناه أن يقر بما في يده أنه أمانة لغيره أو غصب منه أو يقر بدين عليه فيقضى مما في يده. وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: لا يجوز إقراره. لهما أن المصحح لإقراره إن كان الإذن فقد زال بالحجر، وإن كان اليد فالحجر أبطلها؛ لأن يد المحجور غير معتبرة وصار كما إذا أخذ المولى كسبه من يده قبل إقراره أو ثبت حجره بالبيع من غيره، ولهذا لا يصح إقراره في حق الرقبة بعد الحجر، وله أن المصحح هو اليد، ولهذا لا يصح إقرار المأذون فيما أخذه المولى من يده واليد باقية حقيقة.
وشرط بطلانها بالحجر حكما فراغها عن حاجته، وإقراره دليل تحققها، بخلاف ما إذا انتزعه المولى من يده قبل الإقرار؛ لأن يد المولى ثابتة حقيقة وحكما فلا تبطل بإقراره، وكذا ملكه ثابت في رقبته فلا يبطل بإقراره من غير رضاه، وهذا بخلاف ما إذا باعه؛ لأن العبد قد تبدل بتبدل الملك على ما عرف فلا يبقى ما ثبت بحكم الملك، ولهذا لم يكن خصما فيما باشره قبل البيع.
قال:"وإذا لزمته ديون تحيط بماله ورقبته لم يملك المولى ما في يده. ولو أعتق من كسبه عبدا لم يعتق عند أبي حنيفة. وقالا: يملك ما في يده ويعتق وعليه قيمته" لأنه