في الخمر فلم يبق متقوما. وقد كثرت فيه أقوال المشايخ وقد أثبتناها في كفاية المنتهى.
قال:"ومن كسر لمسلم بربطا أو طبلا أو مزمارا أو دفا أو أراق له سكرا أو منصفا فهو ضامن، وبيع هذه الأشياء جائز" وهذا عند أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يضمن ولا يجوز بيعها. وقيل الاختلاف في الدف والطبل الذي يضرب للهو. فأما طبل الغزاة والدف الذي يباح ضربه في العرس يضمن بالإتلاف من غير خلاف. وقيل الفتوى في الضمان على قولهما. والسكر اسم للنيء من ماء الرطب إذا اشتد. والمنصف ما ذهب نصفه بالطبخ. وفي المطبوخ أدنى طبخة وهو الباذق عن أبي حنيفة روايتان في التضمين والبيع. لهما أن هذه الأشياء أعدت للمعصية فبطل تقومها كالخمر، ولأنه فعل ما فعل آمرا بالمعروف وهو بأمر الشرع فلا يضمنه كما إذا فعل بإذن الإمام. ولأبي حنيفة أنها أموال لصلاحيتها لما يحل من وجوه الانتفاع وإن صلحت لما لا يحل فصار كالأمة المغنية. وهذا؛ لأن الفساد بفعل فاعل مختار فلا يوجب سقوط التقوم، وجواز البيع والتضمين مرتبان على المالية والتقوم والأمر بالمعروف باليد إلى الأمراء لقدرتهم وباللسان إلى غيرهم، وتجب قيمتها غير صالحة للهو كما في الجارية المغنية والكبش النطوح والحمامة الطيارة والديك المقاتل والعبد الخصي تجب القيمة غير صالحة لهذه الأمور، كذا هذا، وفي السكر والمنصف تجب قيمتهما، ولا يجب المثل؛ لأن المسلم ممنوع عن تملك عينه وإن كان لو فعل جاز، وهذا بخلاف ما إذا أتلف على نصراني صليبا حيث يضمن قيمته صليبا؛ لأنه مقر على ذلك.
قال:"ومن غصب أم ولد أو مدبرة فماتت في يده ضمن قيمة المدبرة ولا يضمن قيمة أم الولد" عند أبي حنيفة، وقالا: يضمن قيمتهما؛ لأن مالية المدبرة متقومة بالاتفاق، ومالية أم الولد غير متقومة عنده، وعندهما متقومة، والدلائل ذكرناها في كتاب العتاق من هذا الكتاب والله أعلم بالصواب.