قال:"فإن سلم فالشفعة للشريك في الطريق، فإن سلم أخذها الجار" لما بينا من الترتيب، والمراد بهذا الجار الملاصق، وهو الذي على ظهر الدار المشفوعة وبابه في سكة أخرى. عن أبي يوسف أن مع وجود الشريك في الرقبة لا شفعة لغيره سلم أو استوفى؛ لأنهم محجوبون به. ووجه الظاهر أن السبب تقرر في حق الكل، إلا أن للشريك حق التقدم، فإذا سلم كان لمن يليه بمنزلة دين الصحة مع دين المرض، والشريك في المبيع قد يكون في بعض منها كما في منزل معين من الدار أو جدار معين منها وهو مقدم على الجار في منزل، وكذا على الجار في بقية الدار في أصح الروايتين عن أبي يوسف؛ لأن اتصاله أقوى والبقعة واحدة. ثم لا بد أن يكون الطريق أو الشرب خاصا حتى تستحق الشفعة بالشركة فيه فالطريق الخاص أن لا يكون نافذا، والشرب الخاص أن يكون نهرا لا تجري فيه السفن وما تجري فيه فهو عام. وهذا عند أبي حنيفة ومحمد. وعن أبي يوسف أن الخاص أن يكون نهرا يسقى منه قراحان أو ثلاثة، وما زاد على ذلك فهو عام، وإن كانت سكة غير نافذة يتشعب منها سكة غير نافذة وهي مستطيلة فبيعت دار في السفلى فلأهلها الشفعة خاصة دون أهل العليا، وإن بيعت للعليا فلأهل السكتين، والمعنى ما ذكرنا في كتاب أدب القاضي. ولو كان نهر صغير يأخذ منه نهر أصغر منه فهو على قياس الطريق فيما بيناه.
قال:"ولا يكون الرجل بالجذوع على الحائط شفيع شركة ولكنه شفيع جوار"؛ لأن العلة هي الشركة في العقار وبوضع الجذوع لا يصير شريكا في الدار إلا أنه جار ملازق. قال:"والشريك في الخشبة تكون على حائط الدار جار" لما بينا.
قال:"وإذا اجتمع الشفعاء فالشفعة بينهم على عدد رءوسهم ولا يعتبر اختلاف الأملاك" وقال الشافعي: هي على مقادير الأنصباء؛ لأن الشفعة من مرافق الملك؛ ألا يرى أنها لتكميل منفعته فأشبه الربح والغلة والولد والثمرة. ولنا أنهم استووا في سبب الاستحقاق وهو الاتصال فيستوون في الاستحقاق؛ ألا يرى أنه لو انفرد واحد منهم استحق كل الشفعة. وهذا آية كمال السبب وكثرة الاتصال تؤذن بكثرة العلة، والترجيح بقوة الدليل لا بكثرته، ولا قوة هاهنا لظهور الأخرى بمقابلته وتملك ملك غيره لا يجعل ثمرة من ثمرات ملكه، بخلاف الثمرة وأشباهها، ولو أسقط بعضهم حقه فهي للباقين في الكل على عددهم؛ لأن الانتقاص للمزاحمة مع كمال السبب في حق كل واحد منهم وقد