للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا قوة إلا بالله " أو قال " سبحان الله " لا تبطل شفعته؛ لأن الأول حمد على الخلاص من جواره والثاني تعجب منه لقصد إضراره، والثالث لافتتاح كلامه فلا يدل شيء منه على الإعراض، وكذا إذا قال من ابتاعها وبكم بيعت؛ لأنه يرغب فيها بثمن دون ثمن ويرغب عن مجاورة بعض دون بعض، والمراد بقوله في الكتاب أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة طلب المواثبة، والإشهاد فيه ليس بلازم، إنما هو لنفي التجاحد والتقييد بالمجلس إشارة إلى ما اختاره الكرخي. ويصح الطلب بكل لفظ يفهم منه طلب الشفعة كما لو قال: طلبت الشفعة أو أطلبها أو أنا طالبها؛ لأن الاعتبار للمعنى، وإذا بلغ الشفيع بيع الدار لم يجب عليه الإشهاد حتى يخبره رجلان أو رجل وامرأتان أو واحد عدل عند أبي حنيفة، وقالا: يجب عليه أن يشهد إذا أخبره واحد حرا كان أو عبدا صبيا كان أو امرأة إذا كان الخبر حقا. وأصل الاختلاف في عزل الوكيل وقد ذكرناه بدلائله وأخواته فيما تقدم، وهذا بخلاف المخيرة إذا أخبرت عنده؛ لأنه ليس فيه إلزام حكم، وبخلاف ما إذا أخبره المشتري؛ لأنه خصم فيه والعدالة غير معتبرة في الخصوم. والثاني طلب التقرير والإشهاد؛ لأنه محتاج إليه لإثباته عند القاضي على ما ذكرنا، ولا يمكنه الإشهاد ظاهرا على طلب المواثبة؛ لأنه على فور العلم بالشراء فيحتاج بعد ذلك إلى طلب الإشهاد والتقرير وبيانه ما قال في الكتاب "ثم ينهض منه" يعني من المجلس "ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده" معناه لم يسلم إلى المشتري "أو على المبتاع أو عند العقار، فإذا فعل ذلك استقرت شفعته" وهذا لأن كل واحد منهما خصم فيه؛ لأن للأول اليد وللثاني الملك، وكذا يصح الإشهاد عند المبيع؛ لأن الحق متعلق به، فإن سلم البائع المبيع لم يصح الإشهاد عليه لخروجه من أن يكون خصما، إذ لا يد له ولا ملك فصار كالأجنبي.

وصورة هذا الطلب أن يقول: إن فلانا اشترى هذه الدار وأنا شفيعها وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن فاشهدوا على ذلك. وعن أبي يوسف أنه يشترط تسمية المبيع وتحديده؛ لأن المطالبة لا تصح إلا في معلوم. والثالث طلب الخصومة والتملك، وسنذكر كيفيته من بعد إن شاء الله تعالى.

قال: "ولا تسقط الشفعة بتأخير هذا الطلب عند أبي حنيفة وهو رواية عن أبي يوسف. وقال محمد: إن تركها شهرا بعد الإشهاد بطلت" وهو قول زفر، معناه: إذا تركها من غير عذر. وعن أبي يوسف أنه إذا ترك المخاصمة في مجلس من مجالس القاضي تبطل شفعته؛ لأنه إذا مضى مجلس من مجالسه ولم يخاصم فيه اختيارا دل ذلك على إعراضه وتسليمه. وجه قول محمد أنه لو لم يسقط بتأخير الخصومة منه أبدا

<<  <  ج: ص:  >  >>