المزارع، والتأخير أهون من الإبطال "ويخرجه القاضي من الحبس إن كان حبسه بالدين" لأنه لما امتنع بيع الأرض لم يكن هو ظالما والحبس جزاء الظلم.
قال:"وإذا انقضت مدة المزارعة والزرع لم يدرك كان على المزارع أجر مثل نصيبه من الأرض إلى أن يستحصد والنفقة على الزرع عليهما على مقدار حقوقهما" معناه حتى يستحصد، لأن في تبقية الزرع بأجر المثل تعديل النظر من الجانبين فيصار إليه، وإنما كان العمل عليهما لأن العقد قد انتهى بانتهاء المدة وهذا عمل في المال المشترك، وهذا بخلاف ما إذا مات رب الأرض والزرع بقل حيث يكون العمل فيه على العامل، لأن هناك أبقينا العقد في مدته والعقد يستدعي العمل على العامل، أما هاهنا العقد قد انتهى فلم يكن هذا إبقاء ذلك العقد فلم يختص العامل بوجوب العمل عليه "فإن أنفق أحدهما بغير إذن صاحبه وأمر القاضي فهو متطوع" لأنه لا ولاية له عليه "ولو أراد رب الأرض أن يأخذ الزرع بقلا لم يكن له ذلك" لأن فيه إضرارا بالمزارع، "ولو أراد المزارع" أن يأخذه بقلا قيل لصاحب الأرض اقلع الزرع فيكون بينكما أو أعطه قيمة نصيبه أو أنفق أنت على الزرع وارجع بما تنفقه في حصته، لأن المزارع لما امتنع من العمل لا يجبر عليه، لأن إبقاء العقد بعد وجود المنهي نظر له وقد ترك النظر لنفسه. ورب الأرض مخير بين هذه الخيارات لأن بكل ذلك يستدفع الضرر "ولو مات المزارع بعد نبات الزرع فقالت ورثته نحن نعمل إلى أن يستحصد الزرع وأبى رب الأرض فلهم ذلك" لأنه لا ضرر على رب الأرض "ولا أجر لهم بما عملوا" لأنا أبقينا العقد نظرا لهم، فإن أرادوا قلع الزرع لم يجبروا على العمل لما بينا، والمالك على الخيارات الثلاث لما بينا.
قال:"وكذلك أجرة الحصاد والرفاع والدياس والتذرية عليهما بالحصص. فإن شرطاه في المزارعة على العامل فسدت" وهذا الحكم ليس بمختص بما ذكر من الصورة وهو انقضاء المدة والزرع لم يدرك بل هو عام في جميع المزارعات. ووجه ذلك أن العقد يتناهى بتناهي الزرع لحصول المقصود فيبقى مال مشترك بينهما ولا عقد فيجب مؤنته عليهما. وإذا شرط في العقد ذلك ولا يقتضيه وفيه منفعة لأحدهما يفسد العقد كشرط الحمل أو الضمن على العامل. وعن أبي يوسف أنه يجوز إذا شرط ذلك على العامل للتعامل اعتبارا بالاستصناع وهو اختيار مشايخ بلخي. قال شمس الأئمة السرخسي: هذا هو الأصح في ديارنا.
فالحاصل: أن ما كان من عمل قبل الإدراك كالسقي والحفظ فهو على العامل، وما كان منه بعد الإدراك قبل القسمة فهو عليهما في ظاهر الرواية كالحصاد والدياس