للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروعي معناها في موضعين، وهما: {أُولَئِكَ} و {لَهُمْ}، ثم رُجع إلى اللفظ في ضمائر الآية التي تليها، أولها: {تُتْلَى عَلَيْهِ} وآخرها {فَبَشِّرْهُ} (١).

قال ابنُ خَالَوَيه: "ليس في كلامِ العرب ولا في شيءٍ مِنَ العربية ما رُجع من معناه إلى لفظه إلا في حرف واحد استخرجه ابنُ مجاهد من القرآن، وهو قوله- تعالى-: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ} فوَحَّدَ يؤمن وذكّره على لفظ (مَن)، وكذلك {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ}، ثم قال: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} فجمع خالدين على معنى (مَن) ثم قال: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: ١١] فرجع بعد الجمع إلى التوحيد". اهـ (٢)

والراجح: جوازُ مراعاةِ اللَّفظِ تارةً، ومراعاة المعنى تارةً أخرى مطلقاً، خلافاً لمن رأى أَنَّ مراعاةَ اللَّفظِ بعدَ مراعاةِ المعنى لا تصحُّ، وفي آية سورة الطلاق رَدٌّ على مَن رأى أن مراعاةَ المعنى لا تجوزُ بَعدَهَا مراعاةُ اللَّفظِ (٣)؛ فَإِنَّهُ فِي تلك الآية راعى لفظَ (مَنْ) أولاً؛ فأفردَ الضَّميرَ في قوله: {يُؤْمِنْ}، وقوله: {وَيَعْمَلْ}، وقوله: {يُدْخِلْهُ}، وراعى المعنى في قوله: {خَالِدِينَ} ... فأتى فيه بصيغة الجمع، ثم راعى اللَّفظَ بعد ذلك في قوله: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: ١١] فأفرد (٤).


(١) ينظر: إعراب القرآن الكريم وبيانه، لمحي الدين الدرويش (٦: ٧٧).
(٢) ليس في كلام العرب (ص: ٢١٩).
(٣) ينظر: البيان في إعراب غريب القرآن، للأنباري (١: ٢٩٠).
(٤) ينظر: أضواء البيان، لمحمد الأمين الشنقيطي (٣: ٣١٣)، دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، للشنقيطي أيضاً (ص: ٢٤٠).::

<<  <   >  >>