ما كان لها من عظمة الشأن، وعلل هذا النهي بقوله {إن الله معنا} أي: لا تحزن؛ لأن الله معنا بالنصر والمعونة، والحفظ والعظمة، والتأييد والرحمة، ومن كان الله معه بعزته التي لا تغلب، وقدرته التي لا تقهر، ورحمته التي قام ويقوم بها كل شيء، فهو حَقِيقٌ بأن لا يستسلم لحزن ولا خوف.
وهذا النوع من المعية الربانية أعلى من معيته سبحانه للمتقين والمحسنين في قوله {واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون (١٢٨) إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} والفرق بينهما: أن المعية في آية سورة النحل لجماعة المتقين المجتنبين لما يجب تركه والمحسنين لما يجب فعله، فهي معية بوصف مشتق هو مقتضى سنة الله في عالم الأسباب لكل من كان كذلك، وإن كان الخطاب في النهي عن الحزن قبلها للرسول (صلى الله عليه وسلم) .
وأما المعية هنا فهي لذات الرسول وذات صاحبه غير مقيدة بوصف هو عمل لهما، بل هي خاصة برسوله وصاحبه من حيث هو صاحبه، مكفولة بالتأييد بالآيات وخوارق العادات وكبير العنايات، إذ ليس المقام