للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن هو الذي افتراه بل كان حدث به أبو معاوية (١)

ثم كف عنه فلعل أبا الصلت رواه عنه ولم يبلغه كفه عن التحديث به لعدم الثقة بصحته.

وقال صاحب (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على الألسنة من الحديث) :

حديث: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) رواه الحاكم في المناقب من مستدركه عن ابن عباس مرفوعًا والترمذي من جامعه عن علي بمعناه وقال: إنه منكر، وكذا قال البخاري وقال: إنه ليس له وجه صحيح. وقال ابن معين: إنه كذب لا أصل له، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ووافقه الذهبي وغيره على ذلك، وقال ابن دقيق العيد: هذا الحديث لم يثبتوه وقيل: إنه باطل. اهـ.

وقد أورده الأستاذ الشيخ محمد الحوت الكبير علامة بيروت في (أسنى المطالب) وذكر بعض ما نقله الديبع عن أستاذه الحافظ السخاوي من قول الحفاظ بوضعه حتى ابن معين، ثم قال: ((قد ولع به العلماء، وذكره من دون بيان رتبته خطأ، ومثله: (أنا دار الحكمة وعلي بابها) وزاد بعضهم: ( ... وأبو بكر أساسها وعمر حيطانها) ،


(١) قال عباس بن محمد الدوري: سمعت يحيى بن معين يوثق أبا الصلت عبد السلام بن صالح، فقلت ـ أو قيل له ـ: إنه حدّث عن أبي معاوية، عن الأعمش: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" فقال: ما تريدون من هذا المسكين؟ أليس قد حدّث به محمد بن جعفر الفيدي عن أبي معاوية، هذا أو نحوه. تاريخ بغداد ١١/٥٠.

والحديث قد أنكره يحيى بن معين من حديث عمر بن إسماعيل بن مجالد بن سعيد عن أبي معاوية، وقال عن عمر هذا: ((كذاب)) كما في الضعفاء للعقيلي ٣/٨٩٦، وتهذيب الكمال للمزي ٢١/٢٧٦، ولما ذكر أبو زرعة الرازي له - كما في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٦/٩٩ - رواية عمر بن إسماعيل لهذا الحديث قال له: ((قل له: يا عدو الله متى كتبتَ أنت هذا عن أبي معاوية؟ إنما كتبتَ أنت عن أبي معاوية ببغداد، ولم يحدث أبو معاوية هذا الحديث ببغداد)) . أي أن عمر بن إسماعيل إنما سمع من أبي معاوية ببغداد حيث سمع منه يحيى بن معين، وأبو معاوية لم يحدث بهذا الحديث ببغداد، إنما حدّث به قبل ذلك ثم كفّ عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>